اللهَ) تركوا طاعته (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أن يقدموا لها خيرا (أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١٩) (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢٠) (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) وجعل فيه تمييزا كالإنسان (لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً) متشققا (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) المذكورة (نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٢١) فيؤمنون (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) السر والعلانية (هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (٢٢) (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) الطاهر عما لا يليق به (السَّلامُ) ذو السلامة من النقائص (الْمُؤْمِنُ) المصدق رسله
____________________________________
في غد للتعظيم والابهام ، كأنه قيل : لغد لا تعرف النفس كنه عظمته وهوله.
قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) كرره للتأكيد ، أو الأول إشارة للأمر بأصل التقوى ، والثاني للأمر بالدوام عليها. قوله : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) الخبير المطلع على خفيات الأشياء ؛ القادر على الاخبار بما عجزت عنه المخلوقات ، وقوله : (بِما تَعْمَلُونَ) أي من خير وشر قوله : (تركوا طاعته) أشار بذلك إلى أن المراد بالنسيان الترك ، وليس المراد به عدم الحفظ والذكر. قوله : (أن يقدموا بها خيرا) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير : فأنساهم تقديم خير لأنفسهم ، فثمرة نسيانهم الله نسيان أنفسهم ، أي فترك حقوق الله خسرانهم ، وهو نظير قوله تعالى : (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ، وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) ، و (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) لأنه المستغني عن كل ما سواه.
قوله : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ) أي الذين نسوا الله ، فاستحقوا الخلود في النار. قوله : (وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أي الذين اتقوا الله ، فاستحقوا الخلود في الجنة. قوله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) هذا كالتذييل لقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) الخ ، وذلك لأن الله تعالى ، لما أمر المؤمنين بالتقوى والنظر في العواقب والعمل النافع ، ونهاهم عن الغفلة والتشبيه بمن نسي طاعة الله ، ذيله بما يرغبهم في طاعة الله وبقربهم اليه زلفى. قوله : (وجعل فيه تمييز كالانسان) المقصود من هذا الكلام ، التنبيه على قساوة قلوب الكفار وغلظ طبائعهم ، وفيه رمز لمن قل خشوعه عند تلاوة القرآن ، وأعرض عن تدبره ، ولم يأتمر بأوامره ، ولم ينته بنواهيه ، فالواجب التدبر في القرآن ، والخشوع عند قراءته ، فإنه لا عذر في ترك ذلك ، إذ لو خوطب بهذا القرآن الجبال ، مع تركيب العقل فيها ، لا نقادت لمواعظه ، ولرأيتها خاشعة مشفقة من خشية الله. قوله : (المذكورة) أي في هذه السورة أو في سائر القرآن.
قوله : (هُوَ اللهُ الَّذِي) الخ ، لما وصف الله تعالى كلامه بالعظم ، ومن المعلوم أن عظم الصفة تابع لعظم الموصوف ، أتبع ذلك بوصف عظمه تعالى فقال (هُوَ) أي الذات المتصفة بالكمالات أزلا وأبدا الواجبة الوجود ، وقوله : (اللهُ) خبر عن (هُوَ) وقوله بعد ذلك : (الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إما خبر ثان أو صفة للفظ الجلالة ، وذكر لفظ الجلالة بعد الهوية ، لأن الهوية هي الذات ، والجلالة اسم الذات ومظهرها. قوله : (الْمَلِكُ) أي المتصرف في خلقه بالايجاد والاعدام. قوله : (الْقُدُّوسُ) أي المنزه عن صفات الحوادث ، وأتى به عقب الملك ، لدفع توهم أنه يطرأ عليه نقص كالملوك.
قوله : (السَّلامُ) أي الذي يسلم على عباده المؤمنين في الجنة ، وعلى الأنبياء في الدنيا ، أو السالم من