وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١١) (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) أي جاؤوا لنصرهم (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) واستغنى بجواب القسم المقدر عن جواب الشرط في المواضع الخمسة (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (١٢) أي اليهود (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً) خوفا (فِي صُدُورِهِمْ) أي المنافقين (مِنَ اللهِ) لتأخير عذابه (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (١٣) (لا يُقاتِلُونَكُمْ) أي اليهود (جَمِيعاً) مجتمعين (إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) سور ، وفي قراءة جدر (بَأْسُهُمْ) حربهم (بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) مجتمعين (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) متفرقة خلاف الحسبان (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (١٤) مثلهم في ترك الإيمان (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
____________________________________
اثباتها. قوله : (لَكاذِبُونَ) أي فيما قالوه.
قوله : (لَئِنْ أُخْرِجُوا) تفصيل لكذبهم وهو تكذيب لقولهم (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ) وقوله : (وَلَئِنْ قُوتِلُوا) الخ ، تكذيب لقولهم (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ) الخ ، وقوله : (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) من تمام تكذيبهم في المقالة الثالثة. قوله : (جاؤوا لنصرهم) جواب عما يقال : إن قوله : (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) مناف لقوله : (لا يَنْصُرُونَهُمْ) فأجاب : بأن المعنى خرجوا لقصد نصرهم ، وحينئذ فلا يلزم منه نصرهم بالفعل ، وأجيب أيضا : بأن قوله : (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) أي على سبيل الفرض والتقدير. قوله : (واستغنى بجواب القسم) الخ ، أي للقاعدة المعروفة في قول ابن مالك :
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم |
|
جواب ما أخرت فهو ملتزم |
قوله : (أي اليهود) هذا أحد أقوال في مرجع الضمير ، وقيل : عائد على المنافقين ، وقيل : عائد على مجموع اليهود والمنافقين وهو الأقرب. قوله : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً) الخ ، أي خوفهم منكم في السر ، أشد من خوفهم من الله الذي يظهرونه لكم ، وهذه الجملة كالتعليل لقوله : (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) كأنه قال : إنهم لا يقدرون على مقابلتكم ، لأنكم أشد رهبة. قوله : (ذلِكَ) أي ما ذكر من كون خوفهم من المخلوق ، أشد من خوفهم من الخالق. قوله : (مجتمعين) أشار بذلك إلى أن جميعا حال. قوله : (وفي قراءة جدر) أي وهي سبعية أيضا ، غير أن من قرأ جدار بالألف يلتزم الامالة في جدار ، وأما الصلة في بينهم بحيث يتولد منها واو ، فمن قرأ جدارا بدون أحد هذين الوجهين ، فقد قرأ بقراءة لم يقرأ بها أحد.
قوله : (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) راجع لقوله : (لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً) الخ ، أي فعجزهم عن قتالكم ليس لضعف فيهم ، بل هم في غاية القوة من العدد والعدة ، وإنما يضعفون في حربكم للرعب الذي في قلوبهم منكم. قوله : (متفرقة) أي لعظم الخوف ، فقلوبهم لا توافق الأجسام ، بل فيها حيرة ودهشة. قوله : (خلاف الحسبان) حال أي خلاف ظنكم فيهم بمقتضى جمعية الصور. قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) إنما خص الأول بلا يفقهون ، والثاني بلا يعقلون ، لأن الأول متصل بقوله : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) وهو دليل على جهلهم بالله فناسبهم عدم الفقة ، والثاني متصل بقوله : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) وهو دليل على عدم عقلهم ، إذ لو عقلوا لما تشتتت قلوبهم وتحيرت وامتلأت رعبا.
قوله : (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) خبر مبتدأ محذوف قدره بقوله : (مثلهم) أي صفة بني النضير