السين وكسرها ، أي كنا نسخر بهم في الدنيا ، والياء للنسب ، أي أمفقودون هم؟ (أَمْ زاغَتْ) مالت (عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦٣) فلم نرهم ، وهم فقراء المسلمين : كعمار وبلال وصهيب وسلمان (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌ) واجب وقوعه وهو (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤) كما تقدم (قُلْ) يا محمد لكفار مكة (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) مخوّف بالنار (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٦٥) لخلقه (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ) الغالب على أمره (الْغَفَّارُ) (٦٦) لأوليائه (قُلْ) لهم (هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) (٦٧) (أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٦٨) أي القرآن الذي أنبأتكم به وجئتكم فيه بما لا يعلم إلا بوحي وهو قوله : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) أي الملائكة (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٦٩) في شأن آدم
____________________________________
مفتوحة ، قراءتان سبعيتان ، فعلى الأولى تكون الجملة صفة لرجالا ، أي رجالا موصوفين بكوننا عددناهم من الأشرار ، وبكوننا نسخر بهم في الدنيا ، وعلى الثانية فالجملة استفهامية ، حذفت همزة الوصل استغناء بهمزة الاستفهام عنها ، والمعنى : ما لنا لا نرى رجالا موصوفين ، بكوننا عددناهم من الأشرار أتخذناهم سخريا ، فهم مفقودون من النار ، أم زاغت عنهم الأبصار ، أي هم معنا في النار ، لكن زاغت أبصارنا عنهم فلم نرهم. قوله : (بضم السين وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي كنا نسخر بهم) راجع لقراءة الوصل. قوله : (والياء للنسب) أي على كل من القراءتين.
قوله : (أَمْ زاغَتْ) على قراءة الوصل تكون (أَمْ) بمعنى بل ، وعلى قراءة القطع تكون معادلة للهمزة. قوله : (وهم فقراء المسلمين) تفسير لقوله : (رِجالاً). قوله : (وسلمان) المناسب اسقاطه ، لأن الكلام في أهل مكة ، وهو إنما أسلم في المدينة. قوله : (إِنَّ ذلِكَ) أي المحكي عنهم من أقوالهم وأحوالهم. قوله : (وهو) (تَخاصُمُ) أشار بذلك إلى أن (تَخاصُمُ) خبر لمحذوف ، والجملة بيان لاسم الإشارة قوله : (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) أي لا ساحر ولا شاعر ولا كاهن ، واقتصر على الإنذار لأن كلامه مع الكفار ، وهم إنما يناسبهم الإنذار فقط ، وإن كان مبشرا أيضا. قوله : (الْواحِدُ) أي المعدوم المثيل في ذاته وصفاته وأفعاله ، وقد ذكر أوصافا خمسة ، كل واحد منها يدل على انفراده تعالى بالألوهية.
قوله : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي مالكهما. قوله : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) كرر الأمر إشارة إلى الاهتمام به. قوله : (أي القرآن) تفسير لهو. قوله : (بما يعلم) أي من القصص والأخبار وغيرهما. قوله : (وهو) أي ما لا يعلم إلا بوحي ، وفيه أن ما لا يعلم إلا بوحي ، وهو قوله : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) إلخ ، لا قوله : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ) إلخ ، إلا أن يقال إنه ذكر توطئة وتمهيدا لما لا يعلم إلا بالوحي. قوله : (أي الملائكة) أي وابليس. قوله : (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) منصوب إما بعلم أو بمحذوف ، والتقدير : ما كان لي من علم بالملأ الأعلى وقت اختصامهم ، أو ما كان لي من علم بكلام الملأ الأعلى وقت اختصامهم. قوله : (إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ إِلَّا) أداة حصر ، وإن وما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل يوحى ، والتقدير : ما يوحى إلي إلا كوني نذيرا مبينا ، والحصر فيه وفي قوله : (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) اضافي ، والمعنى لا ساحر ولا كذاب كما زعمتم.
قوله : (إِذْ قالَ رَبُّكَ) ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (اذكر) ويصح أن يكون بدلا من قوله : (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) إن حمل الاختصام على ما حصل في شأن آدم فقط ، وأما إن جعل عاما ، فلا