التي زعمتموها (شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ) (٢٣) صفة آلهة (إِنِّي إِذاً) أي إن عبدت غير الله (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤) بيّن (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (٢٥) أي اسمعوا قولي ، فرجموه فمات (قِيلَ) له عند موته (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) وقيل دخلها حيا (قالَ) حرف تنبيه (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) (٢٦) (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) بغفرانه (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (٢٧) (وَما) نافية (أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ) أي حبيب (مِنْ بَعْدِهِ) بعد موته (مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) أي ملائكة لإهلاكهم (وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) (٢٨) ملائكة لإهلاك أحد (إِنْ) ما (كانَتْ) عقوبتهم (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) صاح بهم جبريل (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) (٢٩) ساكنون ميتون (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) هؤلاء ونحوهم ممن كذبوا الرسل فأهلكوا وهي
____________________________________
محل نصب ، والأوضح أن تكون مستأنفة ، سيقت لتعليل النفي المذكور ، لأن جعلها صفة ، يوهم أن هناك آلهة ليست كذلك. قوله : (إن عبدت غير الله) أشار بذلك إلى أن التنوين عوض عن جملة.
قوله : (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي لثبوت الأدلة على بطلان ذلك. قوله : (فَاسْمَعُونِ) بكسر النون في قراءة العامة وهي نون الوقاية ، حذفت بعدها ياء الإضافة ، وقرىء شذوذا بفتحها ، ولا وجه له في العربية ، لأن فعل الأمر يبنى على حذف النون. قوله : (أي اسمعوا قولي) أي ما قلته لكم وهو (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) إلخ. قوله : (فرجموه فمات) أي وهو يقول : اللهم اهد قومي ، وقيل : حرقوه وجعلوه في سور المدينة ، وقبره في سورة انطاكية ، وقيل : نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه ، فو الله ما خرجت روحه إلا في الجنة ، وفي رواية : أنهم قتلوا معه الرسل الثلاثة ، ووضعوهم في بئر وهو الرس. قوله : (قِيلَ) (له عند موته) هذا أحد أقوال ثلاثة ، اقتصر المفسر على اثنين منها ، والثالث : إن هذا القول ، كناية عن البشرى بأنه يدخل الجنة. قوله : (وقيل دخلها حيا) أي فحين هموا بقتله ، رفعه الله من بينهم وأدخله الجنة حيا إكراما له ، كما وقع لعيسى أنه رفع إلى السماء.
قوله : (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي) أي وهم الذين نصحهم أولا ، وقد نصحهم حيا وميتا ، قوله : (بغفرانه) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية ، ويصح أن تكون موصولة والعائد محذوف ، أي بالذي غفره لي ، ويصح أن تكون استفهامية ، أي بأي شيء غفر لي ، أي بأمر عظيم ، وهو توحيدي وصدعي بالحق. قوله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ) إلخ ، هذا تحقير لهم وتصغير لشأنهم ، والمعنى : لم يحتج في إهلاكهم إلى إرسال جنود من الملائكة ، بل نهلكهم بصيحة واحدة مثلا ، وقوله : (وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) أي لم يكن شأننا وعادتنا ، ارسال جنود لإهلاك أحد من الأمم قبلهم ، بل إذا أردنا إهلاكا عاما ، يكون بغير الملائكة ، كصيحة أو رجفة أو غير ذلك. إن قلت : إن الملائكة قد نزلت من السماء يوم بدر للقتال مع النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه. أجيب : بأن انزالهم تكرمة للنبي وأصحابه لا للإهلاك العام ، وقيل : نزول الملائكة والاستنصار بهم من خصوصياته صلىاللهعليهوسلم. قوله : (بعد موته) أي أو بعد رفعه حيا على القول الآخر. قوله : (لإهلاك أحد) أي من الأمم السابقة. قوله : (صاح بهم جبريل) أي صاح عليهم. قوله : (ميتون) أي فشبهوا بالنار الخامدة ، لانقطاع النفع في كل.
قوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) يحتمل أن يكون من كلام الله ، أو الملائكة ، أو المؤمنين ، والمراد بالعباد جميع الكفار ، فأل للجنس ، وقيل : المراد بالعباد نفس الرسل ، و (عَلَى) بمعنى من ، والقائل ذلك