(شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) بالبعث (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) عن الإسلام (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ) في حلمه وإمهاله (الْغَرُورُ) (٣٣) الشيطان (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) متى تقوم (وَيُنَزِّلُ) بالتخفيف والتشديد (الْغَيْثَ) بوقت يعلمه (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) أذكر أم أنثى ، ولا يعلم واحدا من الثلاثة غير الله تعالى (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) من خير أو شر ، ويعلمه الله تعالى (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ويعلمه الله تعالى (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بكل شيء (خَبِيرٌ) (٣٤) بباطنه كظاهره ، روى البخاري عن ابن عمر حديث مفاتح الغيب خمسة (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) إلى آخر السورة.
____________________________________
الآباء ، والآباء تنفع الأولاد ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) وأما ما ورد من قوله عليه الصلاة والسّلام لفاطمة ابنته : «أنا لا أغني عنك من الله شيئا» فهو تحذير لها من الكفر الذي به تنقطع الأنساب. قوله : (وَلا مَوْلُودٌ) مبتدأ ، وهو مبتدأ ثان ، و (جازٍ) خبر الثاني ، وهو وخبره خبر الأول ، أو معطوف على والد. قوله : (في حلمه وإمهاله) أشار بذلك أن الباء سببية ، والكلام على حذف مضاف ، والأصل لا يغرنكم بسبب حلم الله وامهاله الغرور.
قوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) إلخ ، نزلت لما قال الحرث بن عمرو للنبي صلىاللهعليهوسلم : متى الساعة؟ وأنا قد ألقيت الحب في الأرض فمتى السماء تمطر؟ وامرأتي حامل فهل حملها ذكر أم أنثى؟ وأي شيء أعمله غدا؟ ولقد علمت بأي أرض ولدت ، فبأي أرض أموت؟ قوله : (متى تقوم) أي وقت قيامها. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بوقت يعلمه) أي وفي أي مكان ينزله.
قوله : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) أي من حيث ذاتها ، وأما بإعلام الله للعبد فلا مانع منه ، كالأنبياء وبعض الأولياء ، قال تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) وقال تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) قال العلماء : وكذا ولي ، فلا مانع من كون يطلع بعض عباده الصالحين على بعض هذه المغيبات ، فتكون معجزة للنبي وكرامة للولي ، ولذلك قال العلماء : الحق أنه لم يخرج نبينا من الدنيا ، حتى أطلعه الله على تلك الخمس ، ولكنه أمر بكتمها ، والحكمة في كونه تعالى ، أضاف العلم إلى نفسه في الثلاثة الأول : ونفى العلم عن العباد في الأخيرتين منها ، مع أن الخمسة سواء في اختصاص الله تعالى بعلمها ، ونفي علم العباد بها ، أن الثلاثة الأول أمرها عظيم ، لا يتوهم في الخلق علمها ، بخلاف الأخيرتين فهما من صفات العباد ، فربما يتوهمون علمها ، فإذا انتفى عنهم علمهما ، كان انتفاء علمهم بغيرهما أولى. قوله : (بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) لم يقل بأي وقت تموت فيه ، لأن انتقال الإنسان من مكان إلى آخر في وسعه واختياره ، فتوهمه علم مكان موته أقرب بخلاف الزمان ، ففيه تنبيه على انتقاء علم الأقرب ، ليفهم منه علم الأبعد بالأولى. قوله : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أشار بذلك إلى أن علمه تعالى ، ليس مختصا بهذه الأشياء المتقدمة ، بل هو عليم ببواطن الأشياء كظواهرها.