فيما جاز ، أو وجب الاقتحام في بعض أطرافه ، كما في المقام حسب ما يأتي ؛ وذلك لأن إهمال معظم الأحكام وعدم الاجتناب كثيرا عن الحرام ، مما يقطع بأنه مرغوب عنه شرعا ، ومما يلزم تركه إجماعا.
إن قلت (١) : إذا لم يكن العلم بها منجزا لها ؛ للزوم الاقتحام في بعض الأطراف ـ
______________________________________________________
تلك الأواني تدريجا ، وقال الثاني : بجواز ارتكاب تسعة منها ، والمشهور قالوا : بعدم جواز ارتكاب أي واحد منها ؛ إلا إذا كان بعض الأطراف خارجا عن محل الابتلاء أو مضطرا إليه ، فيجوز ارتكابه.
فالمتحصل : أنه يمكن إثبات عدم جواز إهمال الأحكام بوجوه ثلاثة :
العلم الإجمالي ، والإجماع ، واستلزام الخروج عن الدين.
فلو نوقش في العلم الإجمالي بعدم تنجيزه مطلقا ، أو في خصوص ما جاز أو وجب الاقتحام في بعض الأطراف ؛ كالاضطرار إلى بعض أطرافه إذا كان مقارنا للعلم الإجمالي أو متقدما عليه ، حيث لا يجب الاجتناب عن سائر الأطراف مما لا اضطرار إليه ، ففي الوجهين الآخرين غنى وكفاية.
قوله : «أو فيما جاز» عطف على «مطلقا» ، يعني : «أو لم نقل بكون العلم الإجمالي منجزا في خصوص ما جاز أو وجب الاقتحام ...» الخ ، «كما في المقام» ، حيث إن الاحتياط في جميع الوقائع المشتبهة مخل بالنظام ، أو سبب للمشقة المجوزة للاقتحام في بعض الأطراف ، فيكون المقام كالاضطرار إلى بعض الأطراف ، بل عينه ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٨٣».
قوله : «وذلك لأن إهمال» تعليل لقوله : «فهي قطعية» ، وأنه لا يجوز الإهمال ؛ لما تقدم من الوجهين المذكورين.
(١) «إن قلت» : قوام هذه المقدمة العلم الإجمالي ؛ لأنه هو الذي يمنع من إهمال تلك الأحكام ، وحيث ثبت عدم تنجيز العلم الإجمالي لا يبقى مجال لهذه المقدمة الثالثة ؛ إذ بعد سقوط العلم الإجمالي عن التأثير ـ لفرض وجوب الاقتحام أو جوازه في بعض الأطراف ـ تكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان في غير ما وجب أو جاز الاقتحام فيه من سائر الأطراف محكمة ، فلو خالف الأحكام الإلزامية الواقعة في سائر الأطراف لزم أن لا يعاقب عليه ؛ لكونه عقابا بلا بيان ، مع أن المسلّم عقابه وصحة مؤاخذته.
قوله : «للزوم الاقتحام ...» الخ. تعليل لعدم التنجيز ، وضمير «بها لها» راجعان على الأحكام.