.................................................................................................
______________________________________________________
الموضوع والحكم ، فالمتقدم هو الطبيعة ، والمتأخر هو الفرد.
فقضية «صدق العادل» نظير «كل خبري صادق» ، فإن هذه القضية طبيعية شاملة لنفس هذه الجملة أيضا ؛ إذ المراد ب «كل خبري» طبيعة الخبر ، ومن المعلوم : شمولها لنفس هذه القضية كشمولها لسائر إخباراته.
والحاصل : أن إشكال اتحاد الحكم والموضوع إنما يلزم إذا جعل «صدق العادل» قضية خارجية واحدة ، ترتب الحكم الواحد فيها على خصوص أفراد الموضوع الموجودة في الخارج فعلا بلحاظ نفس ذلك الحكم.
وأما إذا جعل قضية حقيقية : ترتب الحكم فيها على طبيعة الموضوع ـ ومنها يسري إلى أفرادها الخارجية المحققة أو المقدرة ـ فلا يلزم الإشكال المذكور. هذا ما أشار إليه بقوله : «ويمكن الذب عن الإشكال». الصواب أن يقال : ويمكن دفع الإشكال ؛ لأن الذب عن الشيء هو حفظه والدفع عنه ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٤٥٨».
بقي الكلام في الجواب عن إشكال كون الحكم مثبتا ومحققا لموضوعه.
توضيح ذلك بعد مقدمة : وهي أن ثبوت الحكم لفرد من العام تارة : يكون واسطة في الثبوت لفرد آخر منه ، وأخرى : يكون واسطة في الإثبات.
والأول : مثل قول القائل بعد إخباره بألف خبر : «كل خبري صادق» ، فيشمل هذا الخبر كل ما أخبره قبله ، ولا يشمل نفسه ؛ لأن الحكم فيه وهو «صادق» يكون واسطة في الثبوت لهذا الخبر ، أي : يكون علة له ؛ إذ الخبر المركب من الموضوع والمحمول لا يتحقق إلا بهما معا ؛ لا بالموضوع فقط ، فلا بد من ضم المحمول وهو «صادق» ، فيلزم من شموله نفسه تقدم الشيء على نفسه.
الثاني : ما إذا كان الحكم لبعض الأفراد واسطة في الإثبات لفرد آخر ـ كما نحن فيه ، حيث يكون ثبوت الحكم لخبر الشيخ سببا للعلم بفردية خبر المفيد ـ لكان شاملا لفرد آخر أيضا.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن ثبوت الحكم ـ أعني : وجوب التصديق ـ لخبر الشيخ يكون سببا للعلم بفردية خبر المفيد من دون أن يكون سببا لفرديته وتحققه في الواقع ، ويكون الواسطة في الإثبات لا في الثبوت ، فلا يلزم من شمول الحكم خبر المفيد محذور إيجاد الموضوع بالحكم ؛ إذ خبر المفيد يكون ثابتا في الواقع ، مع قطع النظر عن الحكم بوجوب تصديق خبر الشيخ ، فيكون الموضوع ـ وهو خبر المفيد ـ ثابتا في الواقع