بتأويله ، كيف (١)؟ ولا يكاد يصل إلى فهم كلمات الأوائل إلا الأوحدي من
______________________________________________________
أنك تفسر القرآن» قال : نعم ، إلى أن قال : «يا قتادة إن كنت قد فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به» (١).
وهاتان الروايتان تدلان على اختصاص فهم القرآن بالأئمة المعصومين «عليهمالسلام» ، ومفادهما : أنه ليس للقرآن ظهور بالنسبة إلى غير المعصومين «عليهمالسلام» حتى يجوز العمل به ، فيكون راجعا إلى منع الصغرى.
وأما الوجه الثاني : فقد ذكره بقوله : «أو بدعوى أنه لأجل احتوائه» أي : الكتاب وحاصل هذا الوجه : منع الصغرى أيضا ـ وهي الظهور ـ كالوجه الأول ؛ إذ كون اشتمال الكتاب على تلك المعاني الغامضة يكون مانعا عن معرفة أبناء المحاورة بتلك المعاني الشامخة ، وجهلهم بها يمنع عن انعقاد الظهور ، ويشهد لهذا الوجه بعض الروايات :
منها : ما رواه العياشي في تفسيره عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سمعت أبا عبد الله «عليهالسلام» يقول : «ليس شيء أبعد من عقول الرجال عن القرآن» (٢).
والحاصل : أنه لأجل علو مضامين الكتاب العزيز لا يبلغ أحد كنه معانيه إلا النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وأوصياؤه «عليهمالسلام» ؛ لأنهم راسخون عالمون بتأويل الكتاب العزيز.
ومنها : ما رواه عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : «الراسخون في العلم أمير المؤمنين «عليهالسلام» والأئمة من ولده «عليهمالسلام» (٣).
ومنها : ما رواه عمر بن قيس عن أبي جعفر «عليهالسلام» قال : سمعته يقول : «إن الله «تبارك وتعالى» لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ...» الحديث.
ومفاده هذه الروايات : أنه لا يفهم القرآن إلا الراسخون في العلم وهم المعصومون «صلوات الله عليهم أجمعين».
(١) أي : كيف تصل أيدي أفكار أولي الأنظار إلى مضامين الكتاب العزيز العالية ، والحال : أنه «لا يكاد يصل إلى فهم كلمات الأوائل ...» الخ.
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣١١ / ٤٨٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٨٥ / ٣٣٥٥٦.
(٢) تفسير العياشي ١ : ١٨ / ٥.
(٣) الكافي ١ : ٢١٣ ، وفيه «من بعده» بدل «من ولده» الوسائل ٢٥ : ١٧٩ / ٣٣٥٣٨.