لصحة الاعتذار بمجرده من دون إرادة نفسانية ، أو كراهة كذلك (١) متعلقة (٢) بمتعلقه فيما يمكن هناك انقداحهما ، حيث (٣) إنه مع المصلحة أو المفسدة الملزمتين في فعل ،
______________________________________________________
يلزم اجتماع حكمين مثلين أو ضدين في مورد واحد ؛ إذ المفروض : إنه ليس في مورد الأمارات حكم حقيقي كاشف عن مصلحة أو مفسدة وإرادة أو كراهة حتى يلزم اجتماع في الخطابين والملاكين ؛ بل المصلحة أو المفسدة ، وكذا الإرادة أو الكراهة منحصرة في الحكم الواقعي.
والمتحصل : أنه لا يلزم محذور اجتماع المثلين أو الضدين في شيء من الخطاب والملاك على كلا القولين في باب حجية الأمارات غير العلمية ـ أي : القول بأن المجعول في بابها هو خصوص الحكم الوضعي أعني : الحجية دون الحكم التكليفي ، والقول بأن المجعول فيه هو الحكم التكليفي الطريقي ـ غاية الأمر : أنه حينئذ يلزم اجتماع حكمين حقيقي وطريقي ، ولا محذور فيه ، لكونهما نوعين مختلفين ، والممتنع إنما هو اجتماع فردين من نوع واحد ؛ كاجتماع الوجوبين الحقيقيين أو الطريقيين أو الفعليين أو الإنشائيين ، هذا ملخص ما أفاده المصنف ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٢٢٢» مع تلخيص وتوضيح منّا.
قوله : «أو بأنه لا معنى لجعلها ...» الخ إشارة إلى ثاني القولين اللذين بني عليهما إشكال الاجتماع. ويبتني هذا القول على إنكار الجعل في الوضعيات والالتزام بانتزاعها من الأحكام التكليفية.
(١) أي : نفسانية. والحاصل : أن الإرادة والكراهة والمصلحة والمفسدة مختصة بالحكم الواقعي ، دون الطريقي الظاهري الذي منه حجية الأمارات.
(٢) صفة «إرادة أو كراهة» ، يعني : جعل الحجية للأمارة لا يوجب إرادة ولا كراهة بالنسبة إلى متعلق الطريق وهو المؤدى ، فجعل الحجية لخبر الواحد الدال على وجوب صلاة الجمعة لا يوجب تعلق كراهة أو إرادة بنفس الوجوب.
(٣) تعليل لما ذكره بقوله : «فيما يمكن ...» الخ وضمير «أنه» للشأن ، ومقصوده : أن الإرادة والكراهة مفقودتان في الحكم الطريقي الظاهري ، وإنما تتحققان في الحكم الحقيقي ، فإذا قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة ، فهذا الوجوب يدل على تعلق إرادة بها ناشئة من مصلحة في نفس وجوب الصلاة ؛ ولكن هذه الإرادة لا تتحقق في ذات الباري «تعالى شأنه» ؛ لتوقفها على مقدمات من خطور الشيء بالبال ، وتصوّر نفعه وميل النفس إليه ، وغيرها من مبادئ الإرادة الممتنعة في حقه تعالى.