ذكرها للأمة في خلال حياته الكريمة لغرض التأكيد ، فإذا كان للتأكيد هذه الفوائد التي ذكرها ( الدهلوي ) هنا فلما ذا يدافع عن منع عمر بن الخطاب عن تأكيد النبي لمّا أراد التأكيد عليه بكتابة الوصية؟
لكن لا ريب في جناية عمر على الأمة في ذلك اليوم ، وشناعة كلامه في ذلك الموقف ، وأما توجيهات ( الدهلوي ) لصنيع عمر فباطلة ، بل إن كلامه هنا يتضمن وجوها توضّح فساد تلك التوجيهات :
( الأول ) : إنه يقول بأن عمل النبي وشأنه هو التأكيد على ما جاء في القرآن والتذكير به ... فيكون عمر الذي حال دون كتابة النبي وصيّته قد منع النبي من القيام بأمر واجب عليه ، ويكون ( الدهلوي ) الذي برر عمل عمر شريكا مع عمر في صنيعه.
( الثاني ) : إنه يقول بأن التأكيد يفيد الإلزام بالحجة وإتمام النعمة ... فيكون المانع من كتابة الوصية قد منع من الإلزام بالحجة وإتمام النعمة ، ويكون ( الدهلوي ) الذي أيده في صنيعه شريكا معه في هذه الجريمة ... هذا من جهة.
ومن جهة أخرى : إنه لو دار الأمر بين الاعتقاد بإمامة المانع من الإلزام بالحجة وإتمام النعمة ، والاعتقاد بإمامة من كان نصبه يوم الغدير سببا لإكمال الدين وإتمام النعمة ، فإنه لا يستريب عاقل في أن الثاني أولى بها من الأول ...
( الثالث ) : إنه يقول ـ كما سيأتي ـ بأن من لا حظ القرآن والحديث لا يقول مثل هذا الكلام الفارغ ، وهذا الكلام صريح في أن إنكار حسن التأكيد كلام فارغ مخالف للكتاب والسنة ، فمن كلام نفسه تظهر قيم كلماته في الدفاع عن من حال دون كتابة النبي وصيته!! ...
( الرابع ) : إنه يقول ـ كما سيأتي ـ بأن إنكار حسن التأكيد يستلزم لغوية تأكيدات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أبواب الصيام والصلاة والزكاة وتلاوة القرآن.
فثبت أن منع الوصية وتأييد هذا المنع يستلزم الاعتقاد بلغوية تأكيدات النبي في الأبواب والأحكام المذكورة وغيرها ...