فيه أحد من القوم ، ولا يكون ذلك الأمر إلاّ الخلافة والامامة.
ولو أنّ ملكا من الملوك كان في سفر فتوقّف عن السير في وسط الطريق فجأة ، وأمر من كان معه ـ وهم ألوف ـ بالوقوف في مكان ليس فيه أبسط وسائل الراحة مع حرارة الجو ، ثم أمر بأن يصنع له من أقتاب الإبل منبر ، فصعد المنبر وعرّف من معه بقرب وفاته ، وذكّرهم بأولويّته بالتصرّف في أنفسهم ، ثم أثبت لأحد أقاربه مقاما كان قد أثبته قبل ذلك له مرارا وسمعه القوم منه تكرارا ، وكان ذلك الشأن والمقام غير مختص بهذا الشخص ، بل كان جلّ الحاضرين أو كلّهم يشاركونه فيه ، بل كان بعضهم أجلّ شأنا ... كان هذا العمل من هذا الملك في غاية الغرابة وبعيدا عن الحكمة والصواب والسياسة كلّ البعد ... لا سيّما لو كان في أقربائه أو أصحابه من هو أليق وأولى بالاهتمام في إثبات ذلك المقام له.
قوله :
« ولم يعلم هؤلاء بأنّ الدلالة على محبّة شخص بدليل عام أمر ، وإيجاب محبته بدليل خاص أمر آخر ... ».
أقول :
من العجب أن يغفل ( الدهلوي ) عن أن إيجاب المودّة لأمير المؤمنين عليهالسلام بالخصوص ، مع كونه عند أهل السنة أقل شأنا من الشيخين بل من عثمان ابن عفان ، لا يستحق هذا الحدّ من الاهتمام بحيث يأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس بالوقوف في مكان شديد الحرّ ، وأن يصنعوا له منبرا من أقتاب الإبل ، فيرقى المنبر ويطلب عليا فيعمّمه بيده ويأخذه بعضده فيبين وجوب مودّته بعد ذكر قرب وفاته ورحيله ... فلو كان الغرض من ذلك كلّه ما ذكروا للزم اللغو والعبث ، ونحن نعوذ بالله من نسبة العبث إلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
بل إن تركه إيجاب مودّة الثلاثة والتأكيد عليه ، والاهتمام بشأن علي المفضول عند أهل السنّة أمر لا يعقل نسبته إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم على مذهب أهل السنّة.
فمع التأمّل في هذه الجهات يظهر صحة استدلال المدققين من أهل الحق ،