شيء هو أولى بهم من أنفسهم ، ثم قيّد بقوله : ( وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) ليؤذن بأنهنّ بمنزلة الأمهات ، ويؤيّده قراءة ابن مسعود رضياللهعنه ، النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم. وقال مجاهد : كلّ نبي فهو أبو أمته ، ولذلك صار المؤمنون إخوة. فإذن وقع التشبيه في قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه في كونه كالأب ، فيجب على الأمة احترامه وتوقيره وبرّه ، وعليه رضياللهعنه أن يشفق عليهم ويرأف بهم رأفة الوالد على الأولاد ، ولذا هنّأه عمر بقوله : يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (١).
قوله :
« والأغرب من ذلك استدلال بعض مدقّقيهم على عدم إرادة المحبة ... ».
أقول :
إن الذي يقوله المدقّقون من أهل الحق هو أنه لمّا كان وجوب مودّة أمير المؤمنين عليهالسلام سواء بالخصوص أو في ضمن العموم أمرا ثابتا بالآيات والأحاديث الكثيرة ، ومشتهرا بين جميع الناس من الخواصّ والعوام ، ولم يكن هذا الأمر ـ وهو وجوب المودّة ـ عند أهل السنة مختصا به وحده ، بل كان يشاركه فيه سائر الصحابة أيضا كان هذا الاهتمام بهذا الأمر ـ الثابت لدى الجميع والمشترك فيه جميع الأصحاب كما عليه الجماعة ـ أمرا غير معقول.
بل إنه بناء على مذهب أهل السنة القائلين بأفضلية الشيخين بل الثلاثة من علي عليهالسلام يكون مودة الثلاثة ـ لا سيّما الشيخين ـ آكد وألزم وأهمّ من محبّة علي عليهالسلام ، فترك الأهم وإيثار غير الأهم مع هذا الاهتمام البالغ يستحيل صدوره ووقعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فبالنظر إلى جميع ما ذكر مع الالتفات إلى ذاك الاهتمام البالغ الذي كان من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في تبليغ الأمر يوم غدير خم ، مع تلك الأحوال والمقارنات والخصوصيّات ، التي من أهمها قرب وفاة النبي يعلم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بصدد تبليغ أمر مهمّ يختص بعلي عليهالسلام وحده ، ولا يشاركه
__________________
(١) الكاشف ـ شرح المشكاة ـ مخطوط.