ـ أي أولى بالتصرف في أموره من نفسه ـ فعلي مولاه أي أولى بالتصرف في أموره منه؟ إن هذا الكلام في غاية المتانة والانتظام ، وإلاّ فلا يوجد في العالم كلام متناسقة ألفاظه ومترابطة جمله أبدا.
الثاني : لقد نصّ حسام الدين السهارنبوري على كون صدر الحديث قرينة على إرادة معنى ( الأولى ) من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ». فمن العجب أن يقلّد ( الدهلوي ) هذا الرجل في مواضع ، وينتحل خرافاته في بعض الأبحاث ، ثم يدعي في هذا الموضع خلاف ما نص عليه السهارنبوري ، وكأنه أشدّ منه تعصبا واكثر عنادا للحق وأهله!!
الثالث : لقد عرفت سابقا أن سبط ابن الجوزي يستند إلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ... » في حمل ( المولى ) على ( الأولى ) في قوله : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».
الرابع : لقد عرفت سابقا أن السيد شهاب الدين أحمد صاحب ( توضيح الدلائل ) نقل عن بعض العلماء أنه جعل قوله : « ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين » قرينة على إرادة معنى ( السيد ) من ( المولى ) ثم وافقه على ذلك.
الخامس : لقد أثبتنا سابقا لزوم حمل ( المولى ) في « من كنت مولاه فعلي مولاه »
على المعنى المراد من « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » بنص حديث صحيح أخرجه الحاكم في ( المستدرك ) فلاحظ.
السادس : لقد جاء في بعض طرق حديث الغدير لفظ « من كنت مولاه أولى به من نفسه » بدل « من كنت مولاه » ، فقد قال البدخشاني في ( مفتاح النجا ) : « وللطبراني برواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم بلفظ : من كنت أولى به من نفسه فعلي وليّه ».
وذكر سبط ابن الجوزي والسيد شهاب الدين أحمد عن أبي الفرج يحيى بن سعيد الثقفي في ( مرج البحرين ) أنه روى حديث الغدير بلفظ « من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه ».
فظهر أن المراد من هذا القول نفس المراد من « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » فلا يرتكب الفصل والتفريق إلاّ من يستنكف عن الايمان والتصديق والله ولي التوفيق.