انّ الامتناع بالاختيار هل ينافى الاختيار ام لا وفيه اقوال ثلاثة الأوّل عدم المنافاة لا خطابا ولا عقابا الثّانى المنافاة خطابا وعقابا الثّالث وهو المختار المنافاة خطابا لا عقابا وما ذكرنا إنّما هو بحسب الحصر العقلى وإلّا فيمكن دعوى انّ مقدّمات اصول الدّين كلّها من الأمور الواضحة الجليّة ولا ينفكّ عن القطع بالواقع بحيث كلّ من التفت اليها وتذكّرها يحصل له القطع بالحقّ الواقع ولا يعرض له الخطأ فى فهمه الّا ان يعرض عنها ويتمسّك بغيرها بسوء اختياره نعم لو كان مخالفا للحقّ فى اصول الدّين وكان فى الحقيقة قاصرا محضا كان لم يسمع بالحقّ اصلا او سمع ولم يحتمل بحسب ادراكه كونه حقّا او احتمل واجتهد وسعى فى تحصيل المعرفة الحقّة وادّى اعتقاده بسبب قصور فهمه الى الباطل كان معذورا ونمنع بطلان اللّازم فى حقّه وقد يدّعى انّ الغالب كون المخالف للحقّ مقصّرا ولو بسبب التفاته الى المقدّمات آنا ما وعلى اىّ حال فمقدّمات الفروع الفقهيّة لمّا لم تكن فى الوضوح مثل مقدّمات اصول الدّين كانت صالحة للتقصير فيها والقصور ولا اشكال فى عدم جواز تكليف القاطع مط بالعمل بخلاف قطعه ولو كان معاقبا فى بعض الأحيان للتّقصير قوله (قلت انّما نشاء ذلك من ضمّ مقدّمة عقليّة) لا اشكال فى فساد هذا الجواب فانّ اغلب الاختلافات الواقعة فى الفروع الفقهيّة ليس بواسطة ضمّ مقدّمة عقليّة والدّليل على ذلك كثرة الاختلافات بين الاخباريّين مع انّهم لا يعبئون بالمقدّمات العقليّة بل الاختلاف فى الفروع انّما ينشأ غالبا من الاختلاف فى المرادات ومعانى الاخبار ومن كثرة وقوع التعارض بينها قوله (اقول لا يحضرنى شرح يب حتّى ألاحظ ما فرّع على ذلك) قد عثرنا على مسألتين منها فى الانوار النعمانيّة الأولى ما ذكره فى الاحباط حيث قال بعد الردّ على الاصوليّين على انّهم قد طرحوا الدّليل النّقلى حيث تعارض الدّليل العقلى والنّقلى ومن هنا تريهم فى مسائل الاصول يذهبون الى اشياء كثيرة قد قامت الدّلائل النقليّة على خلافها لوجود ما تخيّلوا انّه دليل عقلىّ كقولهم بنفى الاحباط فى العمل تعويلا على ما ذكروه فى محلّه من مقدّمات لا يفيد ظنّا فضلا عن العلم ونذكرها إن شاء الله الله تعالى فى انوار القيمة مع وجود الدلائل من الكتاب والسنّة على انّ الاحباط الّذى هو الموازنة بين الأعمال واسقاط المتقابلين وابقاء الرّاجح حقّ لا شكّ فيه ولا ريب يعتريه انتهى الثّانية ما ذكره ايضا بقوله منها قولهم انّ النّبى ص لم يحصل له الإسهاء من الله تعالى فى صلاة قطّ تعويلا على ما قالوه من انّه لو جاز السّهو عليه ص فى الصّلاة لجاز عليه فى الاحكام مع وجود الدلائل الكثيرة من الأحاديث الصّحاح والحسان والموثّقات والضّعاف والمجاهيل على حصول مثل هذا الاسهاء وعلّل فى تلك الرّوايات بانّه رحمة للأمّة لئلّا يعير النّاس بعضهم بعضا انتهى ثمّ انّى عثرت بعد هذا على المحكىّ من كلامه فى شرح يب في حاشية الآشتيانى قدّس