صريح ايضا فى انّ العقل قاصر عن الحكم والّا ليحكم على اثبات الواجب مع كثرة الدواعى ولم يحصل الاختلاف وانّ العقل لا يحكم على شيء حكما بتيّا مقبولا عند عامّة العقلاء ولو حكم بشيء يكون بدويّا يزول بأدنى تامّل وشبهة فلم يحصل من الدّلائل العقليّة القطع بشيء خصوصا فى الاحكام الشرعيّة المبنيّة غالبا على تفريق المجتمعات وجمع المتفرّقات ومنها ما فى المتن حكاية عن السّيد الجزائرى قدسسره فى اوائل شرح التّهذيب فانّ كلامه يدلّ على انّه لا يحصل من العقل القطع بالحكم الشّرعى والّا فلا معنى لنفى الشّك فى تقديم النّقلى عليه عند التّعارض ومنها ما سننقله لك عنه ايضا فى الأنوار النعمانيّة فى مسئلة الاحباط فانّ كلامه قدسسره صريح فيما ذكرنا فانّه ينفى حصول الظّن من العقل فضلا عن القطع ومنها ما ذكره صاحب الحدائق قدّس الله تعالى سرّه حيث قال بعد كلام طويل ولا ريب انّ الأحكام الفقهيّة من عبادات وغيرها كلّها توقيفيّة تحتاج الى السّماع عن حافظ الشّريعة وبهذا قد استفاضت الاخبار كما مرّت الإشارة الى شطر منها فى المقدّمة الثالثة الدّالة على النّهى عن القول فى الاحكام الشرعيّة الّا عنهم وحكم صادر عنهم ووجوب التوقّف والاحتياط مع عدم تيسّر العلم ووجوب الردّ اليهم عليهمالسلام فى جملة منها وما ذلك الّا لقصور العقل المذكور عن الاطّلاع على اغوارها واحجامه عن التلجّج فى لجج بحارها بل لو تمّ للعقل استقلال بذلك لبطل ارسال الرّسل وانزال الكتب ومن ثمّ تواتر الاخبار ناعية على اصحاب القياس بذلك انتهى وهذا اصرح من الكلّ فى الدّلالة على ما ذكرنا من مقصودهم وهذا ما تيسّر لى من نقل كلماتهم الدّالة على ذلك ولا بأس فى المقام بنقل ما افاده الفخر الرازى حيث قال هذه الاشياء المسمّاة بالبراهين لو كانت براهين لكان كلّ من سمعها ووقف عليها وجب ان يقبلها ولا ينكرها اصلا وحيث نرى انّ الّذى يسمّيه احد الخصمين برهانا فانّ الخصم الثّانى يسمعه ويعرفه ولا يفيده ظنّا ضعيفا علمنا إنّ هذه الاشياء ليست فى انفسها براهين بل هى مقدّمات ضعيفة اضافت العصبيّة والحميّة اليها فيتخيّل بعضهم كونها برهانا مع انّ الامر فى نفسه ليس كذلك الى ان قال انّا نرى الدلائل القويّة فى بعض المسائل العقليّة متعارضة مثل مسئلة الجوهر الفرد فانّا نقول كلّ متحيّز منقسم فانّ يمينه غير يساره وكلّ ما كان كذلك فهو منقسم ينتج انّ كلّ متحيّز منقسم ثمّ نقول وجود الحركة فى المسافة معلوم والموجود منها هو الحاضر لا غير وهو غير منقسم والّا لم يكن تمامه حاضرا بل بعضه فاذا كان غير منقسم كان عدمه فى آن آخر متّصل بآن وجوده فيلزم تتالى الآنات ويلزم منه كون الجسم مركّبا من اجزاء لا يتجزّى فهذان الدّليلان متعارضان ولا نعلم جوابا شافيا عن احدهما فنعلم انّ احد الكلامين مشتمل على مقدّمات باطلة وقد جزم العقل بصحّتها ابتداء فصار العقل مطعونا انتهى فالعقل النّظرى وما لا يكون من الفطرى والبديهى قاصر عن الإدراكات بحيث يقطع بالاحكام وكيف يحصل من الدّلائل العقليّة بعد ملاحظة مطعونيّتها بهذه