وامّا الصحّة فى المعاملات بالمعنى الاعمّ على وجه يشمل الواجبات التوصليّة الّتى يكون الغرض حصولها فى الخارج كيف ما اتّفق فلا يبعد كونها مجعولة وان قلنا بعدم معقوليّة جعل الاسباب فى مقام التشريع توضيح ذلك ان حكم الشارع بترتّب الملكيّة والزوجيّة والحريّة وغير ذلك من الامور الاعتباريّة على العقد الكذائى دون غيره يكشف عن جعله لهذه الآثار عند حصول العقد الكذائى ابتداء او امضاء لوضوح انّه لو لا جعله لما كانت الامور المذكورة تترتّب عليه لاصالة الفساد واذا كانت الصحّة وهو ترتّب الاثر على العقد او سبب آخر بيد الشارع وكان بيانه من شأنه ولو على وجه الامضاء كان ذلك اقوى شاهد على مجعوليّة الصحّة فى المعاملة وان كان حكمه بترتّب الاثر على مذهب العدليّة كاشفا عن اقتضاء مصلحة موجبة لهذا الحكم وحكمه بالفساد وهو عدم الترتّب ايضا كاشفا عن عدم المصلحة والقول بانّ الحكم بعدم ترتّب الاثر مطابق للعدم الأزليّ المستمرّ وهو غير قابل للجعل يدفعه ما عرفت من انّ الجعل ح هو ابقاء العدم بحاله حيث انّ له تبديله بالوجود ومع عدم تبديله وابقائه على حاله بالارادة صحّ كون العدم محكوما بالبقاء بجعله كما انّ القول بانّ الآثار المترتّبة على المعاملات من الامور الانتزاعيّة والاختراعيّة الّتى لا تتخلّف عن منشأ انتزاعها متى تحقّق فواقعيّتها انّما هى بوجود المنشإ لها واذا وجد المنشأ ترتّب عليه الآثار المذكورة قهرا وان لم يوجد فلا وجود لها غاية الامر انّ الشّارع العالم بحقايق الاشياء لمّا يرى العقد الكذائى مؤثّرا ومنشأ لانتزاع الاثر دون العقد الآخر يكشف الواقع لنا ويخبرنا به واين هذا من الجعل يدفعه أنّ الامور الانتزاعيّة على قسمين أحدهما ما لا يكون انتزاعه من منشائه منوطا بمصلحة كالفوقيّة والتحتيّة والامر فيه كما ذكر وثانيهما ما يكون اختراعه وانتزاعه من منشائه دائرا مدار وجود المصلحة وما هو منوط بها وبوجود الدّاعى لا يكون ترتّبه قهريّا والدّاعى وان كان يوجب احداثا فى النفس لترتّب الاثر الّا انّه لا يلزم من ذلك خروج ترتّب الاثر عن الاختيار وعن كونه مجعولا ويدلّك على هذا انّ مع وجود الدّاعى لو كان المولى مجازفا كان له ان يختار خلافه جزافا ويشهد على ما ذكرنا ايضا انّ الاحكام التكليفيّة باسرها تابعة للمصالح والمفاسد وتبعيّتها لهما لا يوجب دائما ان يكون الحكم بايجاد الفعل او تركه الموافق للحكمة خارجا عن الاختيار والّا لزم نفى الإرادة بل القدرة عن الشارع تعالى عن ذلك علوّا كبيرا فانّ ذاته الاقدس يأمر من جهة المصلحة اختيار او ينهى من جهة المفسدة مريدا كما هو واضح بل يلزم أن يكون افعال العباد المبتنية على المصالح والاغراض صادرة عنهم قهرا وبلا اختيار ولذا ترى اختصاص بعض الاحكام ببعض الاوقات والاحوال مع انّ المصلحة الملزمة لاثباته او نفيه غير مختصّة بذلك فقس عليها الاحكام الوضعيّة فكما أنّ فى جعل الاحكام التكليفيّة يلاحظ الشّارع الشّيء بحدوده وقيوده من الزمان والاشخاص والاحوال وغير ذلك من الجهات وينشأ الحكم ويجعله وربما يكون الشيء الواحد متعلّقا لاحكام مختلفة باختلاف الازمان والشرائع فكذا