امعان النّظر لا مناص من عود القضيّة المهملة الى المطلقة وذلك لانّ الدّليل الدالّ على الجزئيّة حال الذّكر امّا هو الاجماع او اللّفظ فإن كان الاوّل فالعقل يحكم بانّ المستفاد منه هو الاطلاق وعموم الجزئيّة لحال النّسيان بالتفصيل المتقدّم فى الوجه الرّابع وهذا ان اريد بنفى ما ثبت جزئيّته فى الجملة فى حقّ الناسى ايجاب العبادة الخالية عن ذلك الجزء عليه وان أريد به امضاء الخالى عن ذلك الجزء من النّاسى بدلا عن العبادة الواقعيّة بمعنى انّ المأتيّ به وان لم يكن مأمورا به الّا انّه مسقط عمّا تعلّق به الامر فى الواقع فهو حسن عند قيام الدّليل عليه لكن عدم الجزئيّة بهذا المعنى عند الشّك ممّا لم يقل به احد من المختلفين فى مسئلة البراءة والاحتياط لانّ هذا المعنى حكم وضعىّ لا يجرى فيه ادلّة البراءة بل الاصل فيه هو قاعدة الاشتغال بالاتّفاق فانّ مجرّد الشّك فى صحّة المأتيّ به كاف فى الحكم ببقاء الامر ووجوب الاعادة والقضاء وهذا معنى فساد العبادة الفاقدة للجزء نسيانا بمعنى عدم كونها مأمورا بها ولا مسقطا عن الأمر بالكلّ وان كان الثّانى فهو امّا ان يكون من التكليف والخطاب النّفسى من غير ان يكون له تعلّق بالعبادة ونظر اليها كشرطيّة اباحة المكان واللّباس المستفادة ممّا دلّ على حرمة الغصب والنّهى عنه مطلقا او يكون من الطّلب الارشادىّ او التّكليف الغيرىّ المقدّمى كقوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) وقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) بناء على سوقهما لايجاب الرّكوع والقراءة فى الصّلاة وما ورد من النّهى عن الصّلاة فى الحرير او غير الماكول او لباس الذّهب وقوله تعالى (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) الى غير ذلك وعلى الاوّل فلا اشكال فى سقوط الاشتراط مع الغفلة عن ذلك التكليف لانّ الشرطيّة على هذا منتزعة عن فعليّة ذلك التكليف واذا لم يكن فعليّا للغفلة عنه كما فى صورة الجهل به فلا موقع للاشتراط ولكنّه خارج عن محلّ البحث لوجهين أحدهما أنّ الكلام انّما هو فى مقام الشّك والشرطيّة فى هذه الصّورة معلومة العدم وثانيهما أنّ الطلب النّفسى المتعلّق بفعل لا يمكن ان يستكشف منه كون متعلّقه مربوطا بالعبادة ومعتبرا فيها من غير فرق بين ان يكون الاستكشاف بطريق الإنّ او اللّم لوضوح انّ الطّلب النّفسى والتكليف المتعلّق بشيء من حيث هو لا يكشف الّا عن كونه مطلوبا نفسيّا ومع عدم امكان استكشاف كونه مطلوبا للغير كيف يستكشف منه الارتباط وان امكن صيرورة ما هو مطلوب ذاتا مقدّمة ومطلوبا بالطّلب المقدّمى كما فى الطّهارة الحدثيّة ولكنّه لا ينافى ما ذكرنا وبالجملة الشّروط الّتى تنتزع من التكليف النّفسى يكون منشأ انتزاعها مستقلّا فى الوجود ومتمايزا عن العبادة المشروطة به غالبا لخروجه عن حقيقتها وتكون الشرطيّة راجعة الى مقام الامتثال كاشتراط الامر بالصّلاة وصحّتها بعدم وجوب الازالة او النّهى عن المكان الغصبىّ ونحو ذلك من الموانع المتوقّف مانعيّتها على القول باقتضاء الامر بالشّيء النّهى عن ضدّه والقول بعدم جواز اجتماع الامر والنّهى وترجيح جانب النّهى وقد ثبت فى محلّه انّ مانعيّة هذا الامر والنّهى عن الصّلاة انّما هى فى صورة علم المكلّف والتفاته فشرطيّتها ليست على حدّ