تفويت الغرض الباعث على التكليف فإن قلت إنّ العقل يحكم بالاطاعة والاطاعة عبارة عن اتيان المأمور به على وجه تعلّق به غرض المولى بحيث يقطع بحصول غرضه فالاطاعة حقيقة تحصيل غرض المولى ولذا نرى فى الاوامر العرفيّة انّهم لا يكتفون فى مقام الاطاعة بمجرّد ايجاد ذات المأمور به بل يحكمون بتحصيل الغرض الّا اذا علم انّه لا يكون شيء وراء ذات المأمور به والحاصل انّ القطع بحصول الغرض من وجوه الاطاعة وهذا ممّا يرجع فيه الى حكم العقل قلت إذا كان هذا مع القطع بكون الغرض ايجاد المأمور به بقصد الاطاعة والامتثال فهو كلام آخر يذكر فى الوجه التالى وامّا اذا كان مع الشّك وكان القول بقصد الامتثال من جهة الجهل بعنوان الواجب الحقيقى والمحبوب النفس الامرىّ فى العبادات والحكم بلزوم قصد الامتثال امّا للزوم تحصيل القطع بحصول الغرض والعنوان وامّا للزوم تحصيل القطع بالاطاعة المعلوم وجوبها عقلا فنقول انّ الاطاعة والمعصية من الموضوعات الّتى يستفاد حكمها من العقل اذ هو الحاكم فى باب الاطاعة وحينئذ فلا بدّ من ان يؤخذ الموضوع من نفس الحاكم فكلّ من يحكم عقله بوجوب الاطاعة لا بدّ من ان يكون موضوع حكمه معلوما عنده ولا يعقل الاجمال فى نفس الموضوع حتّى يقال انّ احتمال كون معنى الاطاعة كذا كاف فى وجوب الاحتياط فالعقل انّما يحكم بلزوم ايجاد الفعل الّذى الزمه المولى بفعله بشرط علم العبد الزامه به لا بدونه فانّ العلم بالحكم مأخوذ فى موضوع حكم العقل وهذا هو الاطاعة عرفا وحكمه الوجوب عقلا فكلّما يفرض قيدا للاطاعة ممّا يحتمل اعتباره شرعا او عرفا لا بدّ وان يرجع الى تقييد الواجب اذ لا يحكم العقل فى باب الاطاعة الّا بوجوب ايجاد ما اوجبه المولى فاذا شككنا فى شيء من جهة الجهل بعنوان الواجب الواقعى كان المرجع البراءة كما تقدّم فكما أنّ الشّك فى تقييد المأمور به فى القضيّة الظاهريّة والخطاب الوارد بشيء شطرا او شرطا يدفع بالاصل كذلك الشّك فى اعتبار شيء قيدا للواجب الواقعى والمحبوب النّفس الامرى يدفع بالاصل وعدم امكان تقييد المأمور به به لا يدفعه والسّر فيه ما عرفت من انّ العقاب على تفويت غرضه من دون بيان قبيح نعم بينهما فرق من حيث امكان التّمسك بالاطلاق لنفى الشرطيّة والجزئيّة فيما يصلح كونه تقييدا للمأمور به وعدم امكانه فيما لا يمكن اخذه قيدا فى الخطاب لانّ التّمسك باطلاق الكلام فرع صلاحيّته للتّقييد حتّى يكون ترك القيد دليلا على عدم ارادته ومن هنا تعلم ايضا عدم امكان التّمسك بالاطلاق لنفى اعتبار الوجه بل يدفع ايضا اعتباره بما ذكرنا فى المقام فتدبّر وامّا ما ذكر من انّ العرف لا يكتفى فى مقام الاطاعة بمجرّد ايجاد ذات المأمور به بل يحكمون بتحصيل الغرض فهو ممنوع جدّا نعم اذا علموا بكون الغرض امرا آخر غير ذات المأمور به التزموا بتحصيله وامّا الاحتياط فى ذلك بالعلم بتحصيله فلا وكثيرا ما يشتبه على العبيد اغراض مواليهم بل