يدلّ على انّ الاخذ بقول الثّقة والاعتماد عليه فى معالم الدّين كان مفروغا عنه والحجيّة أمر مستقلّ بالمفهوميّة قابلة للجعل الشرعىّ مثل الولاية والحكومة ومفهومها فى الحجّة المجعولة هو المفهوم منها فى الحجّة المنجعلة من القطع والظّن فى صورة الانسداد على تقدير الحكومة وقضيّتها أن يكون الطّريق عذرا فيما أخطأ وموجبا للتّنجّز واستحقاق العقوبة على مخالفته فيما اصاب وان يكون موافقتها انقياد او مخالفتها تجرّيا وامّا جعل الطريقيّة فهو غير معقول لانّها منتزعة من مرآتيّة القطع وكاشفيّته الّتى هى عين وجوده الحقيقى فى الخارج وليست مفهوما مستقلّا والامر الانتزاعي تابع لمنشئه فى الجعل والاعتبار ولا يتعلّق الجعل التشريعىّ بالوجود الحقيقى وهذا بخلاف الحجيّة فانّها ليست منتزعة عن وجود القطع بل هى من اللوازم المتأخّرة عنه ولها استقلال فى المفهوميّة وكذلك الظّن فانّ طريقيّته النّاقصة منتزعة عن كاشفيّته النّاقصة فليس لها مفهوم مستقلّ حتّى يتعلّق بها الجعل وحجيّة من المفاهيم المستقلّة واللّوازم المتأخّرة عن وجوده التّكوينى والفرق انّ حجيّة القطع بالذّات وحجيّة الظّن بالتّعبد والجعل التّشريعى وتوهّم أنّ الحجيّة ايضا غير مستقلّة فى المفهوميّة ومنتزعة عن التّنجّز فاسد جدّا لأنّ تنجّز الواقع وكون الظّن والطّريق عذرا وموجبا لاستحقاق العقوبة وغير ذلك كلّها من آثار الحجيّة ولوازمها المتأخّرة عنها ولو لا الحجيّة لم يكن للعقل حكم بالتّنجّز وغيره فلا تغفل وحاصل الكلام أنّ دعوى قيام الأمارات بدليل اعتبارها مقام القطع المأخوذ فى الموضوع على جهة الكاشفيّة لا دليل عليها ولا يمكن توجيهها على نحو يرتفع به محذور الجمع بين اللّحاظين ولزوم الدّور واذا فرض اخذ القطع فى موضوع الحكم يرتفع هذا الموضوع عند عدم القطع وان كان اخذه فى الموضوع بلحاظ الطريقيّة ولا يصحّح دليل اعتبار الأمارة قيامها مقام هذا القطع وانّى اعتذر من الأطناب وهو الهادى الى الصّواب الأمر الثّالث اعلم انّ القطع كما يكون طريقا وموضوعا بماله من الاقسام كذلك يكون جهة للقضيّة كسائر الجهات من الضّرورة والدّوام والفعليّة وغيرها وهذا كما ذكره العلّامة فى المختلف فى جواب ما استدلّ به ابن بابويه وابن ابى عقيل رحمهمالله تعالى على عدم البأس بالصّلاة فى ثوب اصابه خمر لأنّ الله حرّم شربها ولم يحرّم الصّلاة فى ثوب إصابته من انّ المسكر لا يجب ازالته عن الثّوب والبدن الخ وقد مرّ تمام العبارة حيث أفاد رحمهالله في الجواب بانّ الاجماع المذكور فى المقدّمتين اخذ فيهما لا بمعنى واحد فانّه تارة جعل كيفيّة للربط تدلّ على وثاقته خارجا عن طرفى القضيّة فى إحداهما وتارة جعل فى الأخرى جزء من المحمول فلم يتّحد الوسط فلا انتاج انتهى ومن الواضح انّ معنى الاجماع فى كلامهم هو القطع بالمراد فان قلت إنّ جواب العلّامة غير تامّ ولا يدفع الاستدلال لامكان جعل الاجماع جزء للمحمول فى الكبرى ايضا لانّ قولهم بالاجماع بمنزلة الضّرورة والضّرورة الّتى كانت جهة القضيّة وكانت القضيّة معها صادقة اذا جعلتها جزء للمحمول تكون القضيّة صادقة ايضا وحينئذ يصير الأوسط