كان ذلك هو الاستحباب مع كون الحكم الظاهرىّ هو الوجوب الرّابعة ما اذا كان ذلك هى الكراهة مع كون الحكم الظاهرىّ هى الحرمة ومن الواضح عدم لزوم شيء من محذورى الالقاء فى المفسدة او فوت المصلحة فى شيء منها أمّا فى الاولى والثانية فلأنّه ليس فى الفعل مصلحة حتّى يكون الحكم بحرمته او كراهته تفويتا لها على المكلّف ولا مفسدة حتّى يكون الحكم بوجوبه او استحبابه ايقاعا للمكلّف فيها وامّا فى الثالثة فلأنّ الوجوب مؤكّد لداعى تحصيل مصلحة الاستحباب كما لا يخفى فلا يكون اخفاء لها وتفويتا على المكلّف بل تاكيد لها وامّا فى الصّورة الرابعة فلانّ الحرمة بالنّسبة الى مفسدة الكراهة نظير الوجوب بالنّسبة الى مصلحة الاستحباب من حيث كونها مؤكّدة لداعى التحرّز عنها وبما ذكرنا يظهر انّ المحذور المذكور غير لازم على الإطلاق بالنّسبة الى جميع صور مخالفة الحكم الظاهرىّ للواقعىّ ولا يخفى انّ فى موارد لزومه لا يقبح مطلقا بل انّما يقبح مع عدم تدارك المكلّف بالكسر لمصلحة الواقع او مفسدته وامّا معه فلا قبح والشارع يتدارك ما يستند اليه من فوت المصلحة او الوقوع فى المفسدة فانّ العمل على طبق الأمارة والالتزام به فى مقام العمل على انّه هو الواقع وترتّب الآثار الشرعيّة المترتّب عليه واقعا يشتمل على مصلحة وتلك المصلحة لا بدّ ان يكون ممّا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع وامّا المقام الثّانى فاعلم انّ اللّازم فى مقام ايراد حكم على شيء ان يكون ذلك الحكم تابعا لما فى ذلك الفعل من المقتضى اذا كان الحكم حقيقيّا لا ابتلائيّا فاذا كان هو الوجوب او الاستحباب فلا بدّ حينئذ من مصلحة فيه ملزمة او غير ملزمة يقتضى وجوبه او ندبه واذا كان هى الحرمة او الكراهة فلا بدّ ان يكون فيه مفسدة ملزمة او غير ملزمة يقتضى تحريمه او كراهته واذا كان هى الاباحة فلا بدّ من خلوّه عمّا يقتضيه غير الإباحة من الاحكام الأربعة المذكورة سواء كان مشتملا على ما يقتضى الإباحة او خاليا عن ذلك ايضا فغاية ما يلزم من ايراد حكمين متخالفين من الأحكام الخمسة على شيء اجتماع المصلحة والمفسدة او المصلحة وعدمها او المفسدة وعدمها فى ذلك الشّيء فى آن واحد ولكنّه لا يمتنع مع تعدّد الجهة كما هو المفروض فى المقام بل واقع فى بعض الأمور الخارجيّة كالأدوية والأغذية والأشربة فانّ المصلحة والمفسدة وان كانتا متضادّتين لكنّهما انّما يمتنع اجتماعهما فى صورة واحدة مع اتّفاقهما فى الوحدات المعتبرة فى التّناقض وكذلك كلّ منهما مع عدم نفسهما وان كانا نقيضين لكنّهما يمتنع اجتماعهما مع اتّفاقهما فى تلك الوحدات وإحدى الجهتين فيما نحن فيه انّما هى الملحوظة فى مقام جعل الحكم الواقعىّ وانشائه وهى جهة ذات الشّيء الغير الملحوظة بشيء من وصفى العلم والجهل والأخرى هى الجهة الملحوظة فى مقام جعل الحكم الظاهرىّ وهى عنوان سلوك الطّريق والأمارة الظّنيّين اذا كان الحكم الظاهرىّ من مؤدّى الطّرق والأمارات او البناء على طبق الحالة السّابقة اذا كان من مقتضى الاستصحاب وامّا اصالة البراءة فهى ليست من الاباحة المصطلحة الّتى هى احد الاحكام الخمسة بل انّما هو مجرّد معذوريّة المكلّف