فالقياس في هذه
الرواية منصرف إلى هذا المصطلح ؛ لأنّ إبليس تمرّد على الأمر بالسجود ، لأنّه على
خلاف قياسه ، لتخيّله أنّ الأمر بالسجود يقتضي أن يبتني على أساس التفاضل العنصري
، ولأجل هذا خطّأ الحكم الشرعي ؛ لاعتقاده بأنّه أفضل في عنصره من آدم ؛ لكونه
مخلوقاً من نار وهو مخلوق من طين.
وعلى هذا
الاصطلاح يبتني ما رواه أبان بقوله :
قلت لأبي عبد
الله عليهالسلام : ما تقول في رجل قطع إصبعاً من أصابع امرأة ، كم فيها؟
قال : «عشرة من الإبل» ، قلت : قطع اثنين؟ قال : «عشرون» ، قلت : قطع ثلاثاً؟ قال
: «ثلاثون» ، قلت : قطع أربعاً؟ قال : عشرون».
قلت : سبحان
الله! يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون؟! إنّ هذا
كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ، ونقول : الّذي جاء به الشيطان ، فقال عليهالسلام : «مهلاً يا أبان! هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثُلث الدية ، فإذا بلغت
الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست
محق الدين».
إنّما صار أبان
إلى تخطئة الخبر الّذي وصل إليه حتّى نسبه إلى الشيطان ، لأجل أنّه وجده خلاف ما
حصّله وأصّله ، وهو انّه كلّما ازدادت الأصابع المقطوعة تزداد الدية ، فلمّا سمع
قوله «قطع أربعاً ، قال : عشرون» قامت سورته ، إذ وجده مخالفاً للأصل الأصيل عنده
، فردعه الإمام بأنّ هذا هو حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وانّ استنكارك قائم على الأخذ بالقياس ، والسنّة إذا
قيست محق الدين ، وتصحيح الأحكام وتخطئتها حسب الموازين المتخيّلة سبب لمحق الدين
، وأنّى للعقول أن تصل إليها؟
__________________