٣
الإدراك النظري والإدراك العملي
قسّم الحكماء الإدراك العقلي إلى : إدراك نظري ، وإدراك عملي.
فالأوّل : إدراك ما ينبغي أن يُعلم ، كإدراك وجود الصانع وصفاته وأفعاله.
والثاني : إدراك ما ينبغي أن يُعمل ، كإدراكه حسن العدل وقبح الظلم ، وحسن رد الوديعة وقبح الخيانة فيها ، وحسن العمل بالميثاق وقبح نقضه ، إلى غير ذلك من العلوم الإدراكية الّتي يستعملها العقل في حياته ومعاشه.
فبذلك يعلم أنّ المقسّم إلى قسمين (النظري والعملي) هو إدراك العقل لا نفس العقل ، فليس لنا عقلان أحدهما نظري والآخر عملي ، بل عقل واحد تارة يدرك ما من شأنه أن يُعلم ، وأُخرى ما من شأنه أن يعمل.
فالفيلسوف والمتكلّم يعتمدان على العقل النظري في المسائل النظرية الّتي يعبّر عنها بالإلهيّات ، فبالعقل يَعرفُ العبدُ إلهه وصفاته وأفعاله ، كما أنّ الفقيه والأخلاقي يعتمدان على العقل العمليّ في موارد من الفقه والأخلاق.
ومن العجائب أنّ طائفة من المسلمين ألغوا دور العقل في العقائد والأحكام واعتمدوا في كلا الموردين على النقل ، مع أنّه ما لم تثبت حجّية النقل عن