مناطاتها الحقيقية وإن كان يظن شيئاً لكن الظن لا يغني من الحقّ شيئاً.
الأمر الثامن : التماس العلل وتصحيح النصوص
ربّما يطلق
القياس ويراد به التماس العلل الواقعية للأحكام الشرعية وجعلها مقياساً لصحّة
النصوص الشرعية ، فما وافقها يؤخذ ويحكم عليه أنّه حكم الله ، وما خالفها يرفض
ويحكم عليه بأنّه ليس حكمه سبحانه.
والقياس بهذا
المعنى كان رائجاً في عصر الإمام الصادق عليهالسلام. وقد استعمل هذا المصطلح في رواية أبان قال : قلت لأبي
عبد الله عليهالسلام : ما تقول في رجل قطع إصبعاً من أصابع امرأة كم فيها؟
قال : «عشرة من الإبل» ، قلت : قطع اثنين؟ قال : «عشرون». قلت : قطع ثلاثاً؟ قال :
«ثلاثون». قلت : قطع أربعاً؟ قال : «عشرون». قلت : سبحان الله! يقطع ثلاثاً فيكون
عليه ثلاثون ، ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون؟! انّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق
فنبرأ ممّن قاله ، ونقول : إنّ الّذي جاء به شيطان.
قال عليهالسلام : «مهلاً يا أبان! هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثُلث الدية ، فإذا بلغت
الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست
محق الدين».
والقياس في هذا
الحديث هو بهذا المعنى ، أي التماس العلل ، ثمّ عرض النصوص على العلل المستنبطة
والقضاء فيها بالقبول إن وافق ، والرد إن خالف. والقياس بهذا المعنى صار مهجوراً ،
لا يستعمل إلّا في أحاديث أئمّة أهل البيت ، والقياس بالمعنى الرائج عند الفقهاء
غير هذا تماماً كما مرّ.
__________________