الثالث : صيرورة القرآن معجزة ظنيّة
لو كانت دلالة الظواهر ظنيّة لزم أن يكون القرآن معجزة ظنية ، لأنّ الإعجاز أمر قائم باللفظ والمعنى ، فلو كان ما يفهمه من ظواهر آياته مفهوماً ظنيّاً يكون إعجازه مبنياً على أساس ظني والنتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين ، ومن المعلوم أنّ الإعجاز الظني لا يكون عماداً للنبوة التي تطلب لنفسها دليلاً قطعياً.
وعلى هذه الوجوه الثلاثة تكشف الظواهر عن المراد الجدّي ـ فضلاً عن الاستعمالي ـ كشفاً قطعياً ، لا ظنيّاً ، لما عرفت من أنّ المخاطبين لا يلتفتون إلى هذه الشكوك التي أبدعها إمام المشككين ، بخلاف الوجه الرابع الآتي فانّ الظواهر ـ على ذاك الوجه ـ تكشف عن المراد الاستعمالي كشفاً قطعياً ، لا المراد الجدّي.
الرابع : ما هي الرسالة الموضوعة على عاتق الظواهر؟
ما نذكره في هذا المقام هو بيت القصيد بين الأدلّة وهو أنّ الذين يصفون الظواهر بظنية الدلالة لم يحقّقوا ـ تحقيقاً علمياً ـ ، المهمة التي أُلقيت على عاتق الظواهر فزعموا أنّ كشف الظواهر عن المراد الجدّي ظني لا قطعي ولو كان هذا هو الأمر المهم على عاتق الظواهر كان لوصف دلالتها بالظنيّة وجه ، ولكن الوظيفة التي القيت على عاتقها شيء آخر وهي بالنسبة إليها قطعية الدلالة.
توضيحه : أنّ الوظيفة الملقاة على عاتق الظواهر عبارة عن إحضار المعاني