كذلك لا يلاحظ الشّارع في حكمه بحجيّة ظنون خاصّة بعد وجدان الحرج النّوعى في تحصيل العلم التّفصيلى بالاحكام الّا طريقيّتها ، مع كون المرجّح في نظره اصوبيّتها من بين الظّنون ، كما يكون مرجّحا في نظر العقل في ترجيحه الظّنّ على الشّكّ والوهم ، والى ذلك اشير في بعض ما دلّ على حجيّة الاخبار من الرّوايات وما دلّ على اعتبار اليد كما في رواية حفص وغيرها وما ورد في شأن اصالتى الحلّ والطّهارة.
فان قلت : الحكم الظاهرى الشّرعى إنشاء من الشّارع كالواقعى ويشاركه في جميع اللّوازم والآثار وليس اخباراً عن مجرّد المعذوريّة سيّما ما كان منه متعلّقا بالظّن ، ومن هنا لا يفرق فيه بين اللّوازم الشّرعيّة وغيرها ، فكما انّ سلوك الحكم الواقعي يلازم الاجزاء كذلك سلوكه يلازمه.
قلت : قد سبقت الاشارة الى هذا التوهم ودفعه ونزيدك توضيحا : انا لم نقل ولا نقول بانّ مرجع الحكم الظّاهرى الى الاخبار عن المعذورية ، كيف؟! وقد اسمعناك كون الحاكم بالمعذوريّة العقل عند جعل الحكم الظّاهرى ، بل مرجعه في ما كان لسانه التّنزيل الى جعل نظير الحكم الواقعي في مرحلة الظّاهر اذا كان متعلّقا مورداً بالحكم ، فيترتّب عليه جميع لوازمه اذا كان لازماً للحكم بالمعنى الاعمّ من الواقعي والظّاهرى لا لخصوص الحكم الواقعي ، ونظير محمولات مورده الشّرعيّة اذا كان متعلّقا بالموضوع سواء كان محمولا أوّليّا لمورده أو ثانويّا بواسطة اللّازم العقلى أو العادى ، كما إذا تعلّق بالامارة ، أو بشرط ان يكون محمولاً أوّليا اذا كان متعلّقا بالاصل كما في الاستصحاب ونحوه ، وهذا هو الفرق بين الامارات والاصول الشّرعيّة ، والاجزاء عن الامر الواقعي على ما عرفت من الاحكام العقليّة في خصوص امتثاله ، كما انّ الاجزاء عن الامر الظّاهرى أيضا من اللّوازم العقليّة لامتثاله ، وامّا اجزائه عن الامر الواقعي مع مغايرته له وتعلّقه بالامارة من حيث كونها كاشفة عنه وطريقا اليه من غير ان يكون في عرضه ، فليس له وجه اصلا ؛ ومن هنا فرّعوا على التّخطئة عدم الاجزاء على ما اسمعناك مراراً هذا ؛ وان كنت قد اذعنت بالحقّ وادركت حقيقة ما