فإن كان معاملة فلا إشكال في كون حكمه كالتّبدّل الظنّى ، فيحكم بفساد ما أوقعه في زمان اعتقاد الصّحّة من جهة أصالة الفساد ، فإنّها حينئذ مشكوكة ، والمرجع فيها أصالة الفساد ، فيحكم بفسادها من أوّل الأمر ؛ ولا يمنع من ذلك كون حكمها الصحّة في اعتقاده السّابق الزّائل بالفرض ؛ ومثل الشّكّ في الانشاءات من حيث الحكم ، الشّكّ اللّاحق المتعلّق بما له صحّة وفساد من الأسباب الخارجيّة ممّا يدخل في فنّ الأحكام كالتّذكية والاحياء ونحوهما ، فإنّ الحكم فيه عدم ترتّب الأثر أيضاً في ما وجد منه زمان القطع أو الظّنّ المعتبر بترتّب الأثر عليه.
وإن كان عبادة فلا يخلو الأمر من أنّه : إمّا أن يحصل الشّكّ قبل خروج الوقت في ما كان الواجب مؤقّتاً ، أو بعده ؛ فإن حصل قبل خروج الوقت فالظّاهر الحكم بوجوب الاعادة ، من حيث اختصاص الشّكّ بعد الفراغ بالشّكّ من جهة الشّبهة الموضوعيّة ؛ فإن حصل بعده فالظّاهر كون الأمر كذلك ، وإن قلنا بكون القضاء بأمر جديد ، لأنّ المرجع أصالة عدم اتيان بالواجب في الوقت ، وهى واردة على أصالة البراءة العقليّة ، وحاكمة على أصالة البراءة الشّرعيّة ، من حيث إنّ الشكّ على هذا القول في التّكليف المستقلّ ، ضرورة كون الأصل المذكور أصلاً موضوعيّاً ، وكون أصل البراءة أصلاً حكميّاً في المقام ، هذا بناء على عدم جريان قاعدة الشّكّ بعد خروج الوقت في المقام ؛ نظراً إلى اختصاصها بالشّبهة الموضوعيّة كما عرفتها في قاعدة الشّكّ بعد الفراغ ، وإلّا فهي أخصّ من الأصل المذكور يقدّم عليها. (١) ودعوى كون الأصل المذكور من الاصول المثبتة من حيث ترتّب القضاء على الفوت ، لا على مجرّد عدم الاتيان الّذي هو مجرى الأصل ، فاسدة بما ذكرنا في باب القضاء من أنّ الفوت ليس أمراً وجوديّاً حتّى يدفع بالاصل ، وممّا ذكرنا يعلم الحكم في غير ما له وقت من الواجبات.
تنبيه : اعلم أنّ ما ذكرنا من الكلام في شقوق المسألة إنّما هو في ما علم بعنوان المأتىّ به.
__________________
(١) الظاهر أن الصواب : فتقدم عليه.