لكنّه كما ترى مناف لما بنى عليه المحقّق القمّى قدسسره ، بل غيره في مسألة إجزاء الأمر العقلى الاعتقادى عن الأمر الشّرعى الواقعي ، وإجزاء الأمر الظّاهرى الشّرعى عن الواقعي عند تبيّن الخطأ في المسألتين ، فالصّور من محلّ الكلام في المسألة وإن كان التّفصيل بينها وبين غيرها من الأقوال في المسألة كما ستقف عليه ، وإذ قد عرفت ما يتلى عليك في تحرير محلّ النّزاع ، فاعلم أنّه اختلفوا في المسألة على أقوال : أحدها : عدم الانتفاض مطلقاً ، وهو محكىّ عن جمع وصريح بعض.
ثانيها : الانتفاض مطلقاً ، وهو ظاهر غير واحد.
ثالثها : التّفصيل بين ما كان التبدّل على سبيل القطع وغيره ، بالانتفاض في الأوّل دون الثّانى ، وهو صريح فقيه عصره (١) في كشفه كما ستقف عليه.
رابعها : التفصيل في غير ما كان التبدّل على سبيل القطع واليقين ، سواء تعلّق القطع واليقين بالواقع أو بفساد المدرك ، بين ما يتعيّن في وقوعها شرعاً أخذها بمقتضى الفتوى ، وغيره ، بعدم الانتفاض في الأوّل ، والانتفاض في الثّانى ، ذهب إليه الشّيخ الفاضل في الفصول (٢) ، وإن كان عنوان هذا التفصيل لا يخلو عن إجمال نشير إليه.
قال في الفصول (٣) بعد تحرير محلّ البحث في المسألة بما عرفت من خروج الوقائع المستقبلة عنه ما هذا لفظه : وأمّا بالنّسبة إلى مواردها الخاصّة الّتي بنى فيها قبل رجوعه عليها ، فإن قطع ببطلانها واقعاً فالظّاهر وجوب التّعويل على مقتضى قطعه فيها بعد الرّجوع ؛ عملاً بإطلاق ما دلّ على ثبوت الحكم المقطوع به ، فإنّ الأحكام لا حقة لمواردها الواقعيّة لا الاعتقاديّة ، فيترتّب عليه آثاره الوضعيّة ما لم تكن مشروطة بالعلم ، ولا فرق في ذلك بين الحكم وغيره.
وكذا لو قطع ببطلان دليله واقعاً وإن لم يقطع ببطلان نفس الحكم ، كما لو زعم
__________________
(١) كاشف الغطاء (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء ، البحث السابع والأربعون ، ص ٣٩.)
(٢) الفصول الغرويّة ، ص ٤٠٩.
(٣) الفصول الغرويّة ، ص ٤٠٩.