الغضاب الآنفين من عبد فلان يعبد عبدا إذا غضب ويقال أول العابدين أي الجاحدين بما يقولون ويقال أنا أول من يعبد على الوحدانية ويقال أول العابدين لأني إذا كنت من العابدين فقد نفيت ذلك عن الرحمن لأن من زعم أن له ولدا فليس بعابد ويقال (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) أي ما كان قال المرقش:
متى ما يشأ ذو الوصل يصرم خليله |
|
ويعبد عليه لا محالة ظالما |
قوله سبحانه :
(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ليس من النبي ص شك ولكنه أبهم ذلك عليهم وهو يعلمه كقولنا قل إن شاء الله والحق عندك في خلاف ما قال إلا أنه كأنك أردت الكناية عن تكذيبه وذلك أنه ص أراد أن يستعطفهم ولا يغلظ عليهم وقيل تقديره وإنا لعلى هدى وأنتم في ضلال مبين وقيل إنما قال على وجه الإنصاف في الحجاج دون الشك كما يقول القائل لغيره أحدنا كاذب وإن كان هو عالما بالكاذب وقال أبو الأسود:
فإن يك حبهم رشدا أصبه |
|
ولست بمخطئ إن كان غيا |
وقال أبو عبيدة أو بمعنى الواو كما قال الأعشى:
أثعلبة الفوارس أو رياحا |
|
عدلت بهم طمية والخشايا |
قوله سبحانه :
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) أي لا أقدر على دفع الضرر عنكم ولا إيصال الخير إليكم وإنما يقدر الله على ذلك وإنما أقدر على أن أدعوكم إلى الخير وأهديكم إلى الحق ثم قل لهم يا محمد (لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) أي لا يقدر أن يجير على الله أحد حتى يدفع ما يريده من العقاب (وَلَنْ أَجِدَ) أيضا من دون الله (مُلْتَحَداً) أي ملتجأ إليه ألجأ أطلب به السلامة مما يريد الله تعالى فعله من العذاب وأضافه إلى نفسه والمراد به أمته لأنه لا يفعل قبيحا فيخاف العقاب.
قوله سبحانه :
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أمر الله نبيه أن يقول لهم على وجه الإنكار عليهم إني لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا من الثواب والعقاب بل ذلك