الأمر الذي توافق فيه كتبهم وإن كذبوك في غيره وقال المرتضى لا يكذبونك جميعهم وإن كذبوك بعضهم وهم الظالمون الذين ذكر في الآية أنهم يجحدون بآيات الله وهذا تسلية للنبي أنه إن كذبك بعضهم فإن فيهم من يصدقك.
قوله سبحانه :
(عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) الآيات ظاهرها لا يدل على أنها خطاب له بل هو خير محض لم يصرح بالمخبر عنه يدل عليه أنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفات النبي في القرآن ولا خبر مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين بل في القرآن (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم إنه نفى عنه العبوس ونحوه بقوله (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ثم إنه وصفه بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى بالفقراء وهذا مما لا يوصف به النبي لأنه كان متعطفا متحننا وقد أمره الله تعالى بقوله (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) وكيف يقول (وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) وهو مبعوث للدعاء والتنبيه وكيف يجوز ذلك عليه وكان هذا القول إغراء بترك حرصه على إيمان قومه وإنما عبس صحابي ذكرنا شرحه في المثالب.
قوله سبحانه :
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) الخطاب وإن توجه إلى النبي ص من حيث خاصم من وراءه على ظاهر الإيمان والعدالة وكان في الباطن بخلافه فلم يكن ذلك معصية لأنه ص منزه عن القبائح وإنما ذكر ذلك على وجه التأديب له في أن لا يبادر إلى دفع الخصم إلا بعد أن يبين الحق منه والمراد بذلك أمته على أنا لا نعلم أن ما روي في هذا الباب وقع من النبي ص لأن طريقه الآحاد وليس توجه النهي إليه بدال على أنه وقع منه ذلك المنهي عنه كما قال (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ولا يدل ذلك على وقوع الشرك منه وخلاصة الحديث في ذلك أن قتادة البدري رمى بني أبيرق بالسرق فشكا قومه إلى رسول الله ص وزكوا الأبيرق فقال عمدت إلى أهل بيت حسب ونسب ورميتهم بالسرق وعاتبه فنزلت الآية
فصل
قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) أي من