وقوله (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) وقوله (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) وقوله (إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) ونحوها من الآيات فإنها مشتركة بين الخصوص والعموم ومحتملة الأمرين على الحقيقة وتكون أيضا معارضة بآيات مثلها تتضمن القطع على غفران الله تعالى لمستحق العقاب مثل قوله (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) وقوله (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) وقوله (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) وقال أبو القاسم البلخي مر أبو عمرو بن العلا بعمرو بن عبيد وهو يتكلم في الوعيد فقال إنما أوتيتم من العجمة لأن العرب يرى ترك الوعد ذما وأنشد :
وإني وإن أوعدته أو وعدته |
|
لأخلف إيعادي وأنجز موعدي. |
وأنشد:
إن أبا خالد لمجتمع الرأي شريف الأفعال والبيت |
|
لا يخلف الوعد والوعيد ولا يبيت من ثاره على فوت |
أبو وجرة السعدي :
صدق إذا وعدوا الرجال وأوعدوا |
|
بأحث بادرة وأوفى موعد. |
قوله سبحانه :
(وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) قال نافع بن الأزرق لابن عباس كيف يخرج أهل النار وهو يقول (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) فقال هذا في الكفار وأول الآية (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) الآية الْبُخَارِيُّ قَالَ النَّبِيُّ ص لَيُصِيبَنَّ أَقْوَاماً شَفْعٌ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا ثُمَّ يُخْرَجُونَ فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ ع فَيَخْرُجُونَ قَدِ امْتَحَشُوا وَعَادُوا حُمَماً قَالَ فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَاةِ قَالَ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي جَمِيلِ السُّنْبُلِ. وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ سَيَابَةَ لِلصَّادِقِ ع الْمُخْرَجُونَ مِنْ جَهَنَّمَ يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللهِ فَقَالَ يَا عَلَاء إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) الْخَبَرَ.
فصل
قوله تعالى : (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) وقوله (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ) ثم قال (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) وقال (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) الرزق ما هو بالانتفاع به أولى فإضافة الرزق إلى الله تعالى واجبة لأنه خلق الحياة والشهوة