ومكن من الانتفاع بالقدرة والآلات وقال (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) وقال (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وقال (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) فأما إذا أضيف إلينا على جهة الهبة والوصية ونحوها فهو عبارة عن تصرفنا فيه على الوجه الذي ينتفع به ومنه يقال رزق السلطان جنده ولا يقال إنه رزق من البائع لأنه قد أخذ العوض منه ولا يقال إنه رزق من الموروث أو رزق من الغنائم لأن السبب الذي وقع التمليك به من غير جهته ولا تابع لاختياره.
قوله سبحانه :
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) قال الرماني فيه دلالة على أن كل ما خلقه الله تعالى مما يملك فهو رزق للعباد إلا ما أخرجه الدليل من الحرام ولا يجوز أن يخلق الله حيوانا يريد تبقيته إلا وقد هيأ له رزقا وأما الذي يولد ميتا فإنه لا رزق له في الدنيا.
قوله سبحانه :
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) الرزق لا يكون إلا حلالا لأن الله تعالى مدح من أنفق من رزقه ونحن منهيون عن الإنفاق من الحرام وأباح ذلك فقال (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وقال (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) وقال (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) وهذا مانع من كون الحرام رزقا لاستحالة أن يكون ما تمدح بفعله ومدح على التصرف فيه وأباح تناوله هو ما نهى عنه وتوعد عليه وتعبد بالمنع من التصرف فيه ولو كان الحرام رزقا لحل أموال الناس لكل غاصب وظالم وسارق وتكون المحرمات من الخمر والخنزير والميتة لنا أرزاقا وإن وطي زوجة غيره يكون ذلك رزقا له.
قوله سبحانه :
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) قال الرماني ما افترسه السبع رزق له بشرط غلبته عليه كما أن أموال المشركين رزق لنا بشرط غلبتنا عليها وقال الطوسي إن رزقه ما ليس لنا منعه منه إما أن يكون ملكا لنا أو أذن لنا فيه فلا يكون رزقا له على الإطلاق ولنا أن نمنع البهائم من الزرع وليس لنا منعها عن الكلأ والماء غير أنه لا يكون رزقا لها