٢ ـ مسلك حقّ الطاعة
وهكذا نصل إلى المسلك الثاني وهو مسلك حقّ الطاعة المختار ، ونحن نؤمن في هذا المسلك بأنّ المولوية الذاتيّة الثابتة لله سبحانه وتعالى لا تختصّ بالتكاليف المقطوعة بل تشمل مطلق التكاليف الواصلة ولو احتمالا ، وهذا من مدركات العقل العملي (١) وهي غير مبرهنة ، فكما انّ اصل حقّ الطاعة للمنعم والخالق مدرك أوّلي للعقل العملي أي غير مبرهن ، كذلك حدوده سعة وضيقا (٢).
وعليه فالقاعدة العملية الأوّلية هي اصالة الاشتغال بحكم العقل (*)
__________________
(١) ليعلم أن جميع الأحكام العقلية ـ كوجوب اطاعة المولى ـ هي من مدركات العقل العملي ، فان العقل العملي يدرك ما ينبغي أن يفعل وما لا ينبغي أن يفعل ، بخلاف العقل النظري فانه يدرك ما ينبغي أن يعلم ككون أن الجزء أصغر من الكل ، ولذلك يكون العقل النظري منشأ لادراكات العقل العملي.
(٢) قال في الحلقة الثانية : «... إذ كيف يفترض انّ التحرّك مع عدم العلم بالتكليف بلا مقتضي ، مع أنّ المقتضي للتحرّك هو حقّ الطاعة الذي ندعي شموله للتكاليف المشكوكة أيضا.»
__________________
(*) هذا تمام ما ذكره السيد الشهيد رحمهالله هنا وفي بحث الخارج ـ على ما في تقريرات استاذنا السيد الهاشمي ج ٥ ص ٢٦ ـ ٢٩ ـ ولعلك تدري أن محل الكلام هو ما بعد الفحص في الأدلّة ، وأما قبل الفحص فانه يجب الاحتياط بالإجماع ، فعلى هذا إن فحص المجتهد ولم يجد دليلا شرعا على الحكم المجهول فان عليه أن يحتاط عند السيد المصنّف وهو بريء الذمّة عند المشهور ، والصحيح ما عليه المشهور ـ مع غضّ نظر المشهور والسيد الشهيد عن قضيّة العلم الإجمالي بوجود تكاليف الزامية في الشريعة ـ.