وعليه فاذا افترضنا ان حرمة شرب الخمر لم يؤخذ وجود الخمر خارجا قيدا فيها على نحو كانت الحرمة فعلية حتّى قبل وجود الخمر خارجا .. صحّ مع ذلك اجراء البراءة عند الشك في الموضوع الخارجي ، لأنّ اطلاق التكليف بالنسبة إلى المشكوك شمولي.
ولكن بتدقيق أعمق نستطيع ان نردّ الشكّ في خمرية المائع إلى الشك في قيد التكليف ، لا عن طريق افتراض تقيّد الحرمة بوجود الخمر خارجا ، بل بتقريب ان خطاب «لا تشرب الخمر» مرجعه (١) إلى قضيّة شرطيّة مفادها : كلما كان مائع ما خمرا فلا تشربه ، فحرمة الشرب مقيّدة بأن يكون المائع خمرا سواء وجد خارجا أو لا (٢) ، فإذا شك في ان الفقّاع خمر أو لا مثلا جرت البراءة عن الحرمة فيه ، وبهذا صحّ القول بأنّ البراءة
__________________
الخمر ، وأما الأعمال المشكوكة الانتاج فانها قدر زائد تجري فيه البراءة ، وهذا يعني أن السبب في جريان البراءة هنا هو كون متعلّق المتعلّق ـ كالخمر ـ شموليا ، إذ لو كان بدليا كما في «أكرم عالما» وشككنا في عالمية زيد ومع ذلك اكرمناه لما جرت البراءة ، وانما تجري أصالة الاشتغال.
(١) يقال في اللغة مرجع بفتح الجيم وكسرها.
(٢) وهذه نتيجة تخالف مقولة المحقق النائيني ، اذ أن المحقق كان يقول بانّ مردّ «لا تشرب الخمر» الى : اذا كان خمر في الخارج ـ أي بنحو مفاد كان التامّة ـ فلا تشربه ، أما السيد المصنف (قده) فانه أرجعها الى : اذا كان المائع خمرا ـ أي بنحو مفاد كان الناقصة أي بنحو الاتصاف لا الوجود ـ فلا تشربه ، فيشمل الحالة التي ذكرها المحقق والحالة التي لم يذكرها وهي حالة ما لو كان النهي عن أصل ايجاد الخمر في الخارج.