وهو قول الضحاك والنخعي ، ومن يبيح شرب النبيذ ومن حرمه (١) يقول : المراد من الآية الإخبار لا الإحلال وأولى الأقاويل أن قوله : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) منسوخ ، وروي عن ابن عباس قال : السكر ما حرم من ثمرها والرزق الحسن ما أحل. وقال أبو عبيدة : السكر الطعم ، يقال هذا سكر لك أي : طعم ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٦٩) وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٧٠) وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٧١))
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ، أي : ألهمها وقذف في أنفسها (٢) ففهمته والنحل زنابير العسل واحدتها نحلة. (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) ، يبنون وقد جرت العادة أن أهلها يبنون لها الأماكن فهي تأوي إليها ، قال ابن زيد : هي الكروم.
(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) ، ليس معنى الكل العموم ، وهو كقوله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل : ٢٣]. (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً). قيل : هي نعت الطرق (٣) ، يقول : هي مذللة للنحل سهلة المسالك. قال مجاهد : لا يتوعر عليها مكان سلكته. وقال آخرون : الذلل نعت النحل ، أي : مطيعة منقادة بالتسخير. يقال : إن أربابها ينقلونها من مكان إلى مكان ولها يعسوب إذا وقف وقفت وإذا سار سارت ، (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) ، يعني : العسل (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) ، أبيض وأحمر وأصفر. (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) ، أي : في العسل (٤). وقال مجاهد : أي في القرآن والأول أولى.
[١٢٦١] أنا إسماعيل بن عبد القاهر ثنا عبد الغافر بن محمد ثنا محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا محمد بن المثنى أنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن أبي المتوكّل عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن أخي استطلق بطنه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
__________________
[١٢٦١] ـ إسناده صحيح. مسلم هو صاحب الصحيح ، قد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، شعبة بن الحجاج ؛ قتادة بن دعامة ، أبو المتوكّل هو علي بن دؤاد.
ـ أخرجه المصنف من طريق مسلم ، وهو في «صحيحه» ٢٢١٧ من طريق محمد بن المثنى بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٥٧١٦ والترمذي ٢٠٨٣ وأحمد ٣ / ١٩ و ٩٢ وأبو يعلى ١٢٦١ والمصنف في «شرح السنة» ٣١٢٥ من طريق محمد بن جعفر بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد ٣ / ٩٢ من طريق شعبة به.
ـ وأخرجه البخاري ٥٦٨٤ ومسلم بإثر ٢٢١٧ من طريقين عن سعيد عن قتادة به.
ـ وأخرجه أحمد ٣ / ١٩ من طريق قتادة عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري.
(١) في المطبوع «حرم».
(٢) في المخطوط «نفسها».
(٣) أي السبل ، وفي المخطوط «للطريق».
(٤) في المطبوع «العمل».