والاستعجال : طلب الشيء قبل حينه.
[١٢٥١] ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار بأصبعيه ـ وإن كادت لتسبقني».
قال ابن عباس : كان بعث النبي صلىاللهعليهوسلم من أشراط الساعة ولما مرّ جبريل عليهالسلام بأهل السموات مبعوثا إلى محمد صلىاللهعليهوسلم قالوا : الله أكبر قامت الساعة.
وقال قوم : المراد بالأمر هاهنا عقوبة المكذبين والعذاب بالسيف ، وذلك أن النضر بن الحارث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فاستعجل العذاب فنزلت هذه الآية. وقتل النضر يوم بدر صبرا. (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، معناه تعاظم بالأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون.
(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) ، قرأ العامة بضم الياء وكسر الزاي ، و (الْمَلائِكَةَ) نصب. وقرأ يعقوب بالتاء وفتحها وفتح الزاي والملائكة رفع ، (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ) بالوحي سماه روحا لأنه يحيى به القلوب والحق. قال عطاء : بالنبوة. وقال قتادة : بالرحمة. وقال أبو عبيدة : بالروح يعني مع الروح وهو جبرائيل. (مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا) ، أعلموا ، (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) ، وقيل : معناه مروهم بقول لا إله إلا الله منذرين مخوفين بالقرآن إن لم يقولوا. وقوله (فَاتَّقُونِ) أي : فخافون.
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨))
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣) ، أي : ارتفع عما يشركون.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ) ، جدل بالباطل ، (مُبِينٌ) ، نزلت في أبيّ بن خلف الجمحي وكان ينكر البعث ، جاء بعظم رميم فقال [يا محمد](١) : أتقول إن الله تعالى يحيي هذا بعد ما قد رم؟ كما قال جل ذكره (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ) [يس : ٧٨] نزلت فيه أيضا. والصحيح أن الآية عامة ، وفيها بيان القدرة وكشف قبيح ما فعلوه ، من جحد (٢) نعم الله مع ظهورها عليهم.
قوله تعالى : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها) ، يعني الإبل والبقر والغنم ، (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) يعني : من أوبارها وأشعارها وأصوافها ملابس ولحفا تستدفئون بها ، (وَمَنافِعُ) ، بالنسل والدر والركوب والحمل
__________________
[١٢٥١] ـ المرفوع منه ، أخرجه أحمد ٤ / ٣٠٩ والطبراني ٢٢ / ١٢٦ من حديث وهب السّوائي وقال الهيثمي في «المجمع» ١٠ / ٣١١ : رجاله رجال الصحيح. غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة.
ـ وورد من حديث بريدة ، أخرجه أحمد ٥ / ٣٤٨ وقال الهيثمي ١٠ / ٣١٠ : رجاله رجال الصحيح.
ـ فالمرفوع منه حسن.
ـ تنبيه : لفظ «لما نزلت هذه الآية» لم أقف له على أصل ، ولم يذكره غير المصنف.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «جحود».