الآخر دون عصبته ، حتى نزلت هذه الآية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) في حكم الله ، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، الذين آخى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهم ، (وَالْمُهاجِرِينَ) ، يعني ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا (١) بالإيمان والهجرة ، فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة والهجرة وصارت بالقرابة.
قوله : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) ، أراد بالمعروف الوصية للذين يتولونه من المعاقدين ، وذلك أن الله لما نسخ التوراة بالحلف والهجرة أباح أن يوصي الرجل لمن يتولاه بما أحب من ثلثه. وقال مجاهد : أراد بالمعروف النصرة وحفظ الحرمة لحق الإيمان والهجرة. وقيل : أراد بالآية إثبات الميراث بالإيمان والهجرة ، يعني وأولو الأرحام من المؤمنين والمهاجرين بعضهم أولى ببعض ، أي لا توارث بين المسلم والكافر ولا بين المهاجر وغير المهاجر إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا يعني إلا أن توصوا لذوي قراباتكم بشيء وإن كانوا من غير أهل الإيمان والهجرة ، وهذا قول قتادة وعطاء وعكرمة. (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) ، أي كان الذي ذكرت من أن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض في اللوح المحفوظ مسطورا مكتوبا. وقال القرظي (٢) : في التوراة. قوله عزوجل :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩))
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) ، على الوفاء بما حملوا وأن يصدّق بعضهم بعضا ويبشر بعضهم ببعض. قال مقاتل : أخذ ميثاقهم على أن يعبدوا الله ويدعوا إلى عبادته ويصدّق بعضهم بعضا وينصحوا لقومهم ، (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) ، خصّ هؤلاء الخمسة بالذكر من بين النبيين لأنهم أصحاب الكتب والشرائع وأولو العزم من الرسل وقدّم النبي صلىاللهعليهوسلم في الذكر لما :
[١٦٧٩] أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني الحسين بن محمد الحديثي أنا
__________________
ـ ففي الباب عن عروة قال : قال الزبير بن العوام رضي الله عنه فينا نزلت هذه الآية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥ ـ قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد آخى بين رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار ، فلم نشكّ أنا نتوارث لو هلك كعب ، وليس له من يرثه فظننت ....».
ـ وفي إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد لين الحديث ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
ـ وذكر التوارث قبل آية الأنفال له شواهد كثيرة راجع «الدر المنثور» ٣ / ٣٧٣ و «تفسير الطبري» ١٦٣٤٥ ـ ١٦٣٥٩.
ـ وانظر «أحكام القرآن» ١٧٥٦ بتخريجي.
[١٦٧٩] ـ متن باطل بإسناد ضعيف جدا.
ـ إسناده ضعيف جدا ، وله ثلاث علل : الأولى : سعيد بن بشير ضعفه غير واحد ، وقد روى عن قتادة مناكير ، والثانية : عنعنة قتادة ، وهو مدلس ، والثالثة : الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة.
ـ قتادة هو ابن دعامة ، الحسن هو ابن يسار البصري.
ـ وأخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (٣) والواحدي في «الوسيط» ٣ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠ من طريق سعيد بن بشير به.
ـ الخلاصة : إسناده ضعيف جدا كما تقدم ، والمتن باطل ، فالنبي صلىاللهعليهوسلم آخر النبيين في الخلق والبعث.
(١) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع و ـ ط «يرث».
(٢) تصحف في المخطوط «القرطبي».