في مرية من لقائه» أي من تلقي موسى كتاب الله بالرضا والقبول ، (وَجَعَلْناهُ) ، يعني الكتاب وهو التوراة ، وقال قتادة : موسى ، (هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ) ، يعني من بني إسرائيل ، (أَئِمَّةً) ، قادة في الخير يقتدي بهم ، يعني الأنبياء الذين كانوا فيهم. وقال قتادة : أتباع الأنبياء ، (يَهْدُونَ) ، يدعون ، (بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) ، قرأ حمزة والكسائي بكسر اللام وتخفيف الميم أي لصبرهم ، وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم ، أي حين صبروا على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر ، (وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ).
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ) ، يقضي ، (بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
(أَوَلَمْ يَهْدِ) ، لم يتبين ، (لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) ، آيات الله وعظاته فيتعظون بها.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠))
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) ، أي اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها ، قال ابن عباس : هي أرض باليمن. وقال مجاهد : هي أرض بأبين (١) ، (فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ) ، من العشب والتبن ، (وَأَنْفُسُهُمْ) ، من الحبوب والأقوات ، (أَفَلا يُبْصِرُونَ).
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٨) ، قيل : أراد بيوم الفتح يوم القيامة الذي فيه الحكم بين العباد.
قال : قتادة قال أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم للكفار : إن لنا يوما نتنعم فيه ونستريح ويحكم بيننا وبينكم ، فقالوا استهزاء متى هذا الفتح؟ أي القضاء والحكم.
وقال الكلبي : يعني فتح مكة. وقال السدي : يوم بدر لأن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم كانوا يقولون لهم : إن الله ناصرنا ومظهرنا عليكم ، فيقولون متى هذا الفتح.
(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ) ، يوم القيامة ، (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) ، ومن حمل الفتح على فتح مكة والقتل يوم بدر قال معناه لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا ، (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) ، لا يمهلون ليتوبوا ويعتذروا.
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) ، قال ابن عباس : نسختها آية السيف ، (وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) ، قيل : انتظر وعدي لك بالنصر إنهم منتظرون بك حوادث الزمان. وقيل : انتظر عذابنا فيهم فإنهم منتظرون ذلك.
[١٦٧٠] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٢) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا
__________________
[١٦٧٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ أبو نعيم هو الفضل بن دكين ، سفيان هو ابن سعيد الثوري.
ـ وهو في «شرح السنة» ٦٠٦ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٨٩١ عن أبي نعيم بهذا الإسناد. ـ
(١) في المطبوع «أبين» وهي من أرض اليمن.
(٢) زيادة عن المخطوط.