(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) ، يقضيه وحده ، (يُفَصِّلُ الْآياتِ) ، يبين الدلالات ، (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) ، لكي توقنوا بوعده وتصدقوه.
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥))
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) ، بسطها (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) ، جبالا ثابتة ، واحدتها : راسية.
قال ابن عباس : كان أبو قبيس أول جبل وضع على الأرض ، (وَأَنْهاراً) ، أي : وجعل فيها أنهارا. (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ، أي : صنفين اثنين أحمر وأصفر وحلوا وحامضا ، (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) ، أي : يلبس النهار بظلمة الليل ويلبس الليل بضوء النهار (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، فيستدلون ، والتفكر تصرف القلب في طلب معاني الأشياء.
(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) ، متقاربات يقرب بعضها من بعض وهي مختلفة ، هذه طيبة تنبت وهذه سبخة لا تنبت ، وهذه قليلة الريع وهذه كثيرة الريع ، (وَجَنَّاتٌ) أي : بساتين ، (مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ) ، رفعها كلها ابن كثير وأبو عمرو وحفص ويعقوب عطفا على الجنات ، وجرّها الآخرون نسقا على الأعناب ، والصنوان جمع صنو وهو النخلات يجمعهن أصل واحد ، (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) ، هي النخلة المنفردة بأصلها.
وقال أهل التفسير : صنوان مجتمع ، وغير صنوان متفرق ، نظيره من الكلام قنوان جمع قنو.
[١١٨٧] ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في العباس : «إنّ عمّ الرجل صنو أبيه» ولا فرق في الصنوان والقنوان بين التثنية (١) والجمع إلا في الإعراب وذلك أن النون في التثنية مكسورة غير منونة وفي الجمع منونة ، (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) ، قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب «يسقى» بالياء أي يسقى ذلك كله بماء واحد ، وقرأ الآخرون بالتاء لقوله تعالى : (وَجَنَّاتٌ) ولقوله تعالى من بعد (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ) ، ولم يقل بعضه ، والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نام ، [لا لون له فيلون بلون إنائه](٢) (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) ، في الثمرة (٣) والطعم ، قرأ حمزة والكسائي «ويفضل» بالياء ، لقوله تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ). وقرأ الآخرون بالنون على معنى ونحن نفضل بعضها على بعض في الأكل.
[١١٨٨] وجاء في الحديث [عن النبي صلىاللهعليهوسلم](٤) : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) ، قال
__________________
[١١٨٧] ـ تقدم في تفسير سورة البقرة عند آية : ١٣٣.
[١١٨٨] ـ ضعيف. أخرجه الترمذي ٣١١٨ والطبري ٢٠١٢٦ من حديث أبي هريرة. حسنه الترمذي! مع أن فيه سيف بن محمد
(١) تصحف في المطبوع إلى «الثنية».
(٢) زيادة عن المخطوطتين.
(٣) في المطبوع و ـ ط «الثمر» والمثبت عن المخطوطتين.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.