قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) ، أي أنزل عليك القرآن على قول أكثر المفسرين ، وقال عطاء : أوجب عليك العمل بالقرآن ، (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) ، إلى مكة ، وهو رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو قول مجاهد ، قال القتيبي : معاد الرجل بلده لأنه ينصرف ثم يعود إلى بلده ، وذلك.
[١٦١٨] أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما خرج من الغار مهاجرا إلى المدينة سار في غير الطريق مخافة الطلب فلما أمن ورجع إلى الطريق نزل الجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف الطريق إلى مكة اشتاق إليها ، فأتاه جبريل وقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟ قال : نعم ، قال : فإن الله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) ، وهذه الآية نزلت بالجحفة ليست بمكية ولا مدنية. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما لرادّك إلى معاد إلى الموت. وقال الزهري وعكرمة : إلى القيامة. وقيل : إلى الجنة. (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى) ، أي يعلم من جاء بالهدى وهذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم إنك لفي ضلال ، فقال الله عزوجل : قل لهم ربي أعلم من جاء بالهدى أي أعلم من جاء بالهدى يعني نفسه ، (وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، يعني المشركين ومعناه [الله](١) أعلم بالفريقين.
قوله تعالى : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ) ، أي يوحى إليك القرآن ، (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ، قال الفراء : هذا من الاستثناء المنقطع معناه لكن ربك رحمك فأعطاك القرآن ، (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) ، أي معينا لهم على دينهم. وقال مقاتل : وذلك حين دعي إلى دين آبائه فذكر الله نعمه ونهاه عن مظاهرتهم على ما هم عليه.
(وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨))
(وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ) ، يعني القرآن ، (بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) ، إلى معرفته وتوحيده ، (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : الخطاب في الظاهر للنبي صلىاللهعليهوسلم والمراد به أهل دينه لا تظاهروا الكفار ولا توافقوهم.
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، أي إلا هو ، وقيل : إلا ملكه ، وقال أبو العالية : إلا ما أريد به وجهه [والصحيح عند السلف الصالح أنه محمول على ظاهره ، ولا يفسر ولا يتأول كسائر الصفات](٢) ، (لَهُ الْحُكْمُ) ، أي فصل القضاء ، (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، تردون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم (٣).
__________________
[١٦١٨] ـ خبر واه. ذكره الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٤١١ نقلا عن المفسرين بدون إسناد.
وأخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ٥ / ٢٦٥ عن الضحاك مرسلا ومختصرا ، ومراسيل الضحاك واهية.
ـ وأخرجه ابن مردويه كما في «الدر» ٥ / ٢٦٥ عن علي بن الحسين بن واقد ، وهذا معضل ، والخبر واه.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد عي المخطوط «ب».
(٣) زيد عي المخطوط «ب».