وقال ابن إسحاق
: كان قارون عم موسى وكان أخا عمران ، وهما ابنا يصهر ، ولم يكن في بني إسرائيل
أقرأ للتوراة من قارون ، ولكنه نافق كما نافق السامري ، (فَبَغى عَلَيْهِمْ) ، قيل كان عاملا لفرعون على بني إسرائيل ، فكان يبغي
عليهم ويظلمهم ، وقال قتادة : بغى عليهم بكثرة المال. وقال الضحاك : بغى عليهم
بالشرك ، وقال شهر بن حوشب : زاد في طول ثيابه شبرا.
[١٦١٦] وروينا
عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه
يوم القيامة ».
وقيل : بغى
عليهم بالكبر والعلو ، (وَآتَيْناهُ مِنَ
الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) ، وهي جمع مفتح وهو الذي يفتح به الباب ، هذا قول قتادة
ومجاهد وجماعة ، وقيل : مفاتحه خزائنه ، كما قال : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ
الْغَيْبِ) [الأنعام : ٥٩] أي خزائنه ، (لَتَنُوأُ
بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) ، لتثقلهم أي وتميل بهم إذا حملوها لثقلها ، قال أبو
عبيدة : هذا من المقلوب تقديره ما إن العصبة لتنوء بها ، يقال ناء فلان بكذا إذا
نهض به مثقلا ، واختلفوا في عدد العصبة ، فقال مجاهد : ما بين العشرة إلى خمسة عشر
، وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : ما بين الثلاثة إلى العشرة. وقال
قتادة : ما بين العشرة إلى الأربعين. وقيل : أربعون رجلا. وقيل : سبعون.
وروي عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : كان يحمل مفاتيحه أربعون رجلا أقوى ما يكون من الرجال. وقال جرير عن
منصور عن خيثمة قال : وجدت في الإنجيل أن مفاتيح خزائن قارون وقر ستين بغلا ما
يزيد منها مفتاح على إصبع لكل مفتاح كنز ، ويقال : كان قارون أينما ذهب يحمل معه
مفاتيح كنوزه وكانت من حديد فلما ثقلت عليه جعلها من خشب فثقلت فجعلها من جلود
البقر على طول الإصبع وكانت تحمل معه إذا ركب على أربعين بغلا ، (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ) [أي] قال لقارون قومه من بني إسرائيل ، (لا تَفْرَحْ) ، لا تبطر ولا تأشر ولا تمرح ، (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) ، الأشرين البطرين اللذين لا يشكرون الله على ما
أعطاهم.
(وَابْتَغِ فِيما
آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) [أي] اطلب فيما أعطاك الله من الأموال والنعمة الجنة وهو أن
تقوم بشكر الله فيما أنعم عليك وتنفقه في رضا الله ، (وَلا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) ، قال مجاهد وابن زيد : لا تترك أن تعمل في الدنيا
للآخرة حتى تنجو من العذاب لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا أن يعمل للآخرة. وقال
السدي : بالصدقة وصلة الرحم ، وقال علي : لا تنس صحتك [وقوتك] وشبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة.
__________________