(قالَتْ) ، لهم بلقيس ، (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) ، وهم أشراف الناس وكبراؤهم (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) ، قال عطاء والضحاك : سمته كريما لأنه كان مختوما.
[١٥٩٩] روى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كرامة الكتاب ختمه».
وقال قتادة ومقاتل : كتاب كريم أي حسن ، وهو اختيار الزجاج ، وقال حسن ما فيه.
وروي عن ابن عباس : كريم أي شريف لشرف صاحبه ، وقيل : سمته كريما لأنه كان مصدرا ببسم الله الرحمن الرحيم ، ثم بينت الكتاب. فقالت : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) ، وبينت المكتوب [فيه](١) فقالت ، (وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
(أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَ) ، قال ابن عباس : أي لا تتكبروا عليّ. وقيل : لا تتعظموا ولا تترفعوا عليّ. وقيل : معناه لا تمتنعوا علي من الإجابة ، فإن ترك الإجابة من العلو والتكبر ، (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ، مؤمنين طائعين. قيل هو من الإسلام ، وقيل : هو من الاستسلام.
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي) ، أشيروا عليّ فيما عرض لي وأجيبوني فيما أشاوركم فيه ، (ما كُنْتُ قاطِعَةً) ، قاضية وفاصلة ، (أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) ، أي تحضرون.
(قالُوا) ، مجيبين لها ، (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ) ، في القتال ، (وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) ، عند الحرب ، قال مقاتل : أرادوا بالقوة كثرة العدد وبالبأس الشديد الشجاعة ، وهذا تعريض منهم بالقتال إن أمرتهم بذلك ثم قالوا ، (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) ، أيتها الملكة في القتال وتركه ، (فَانْظُرِي) [أيتها الملكة](٢) من الرأي ، (ما ذا تَأْمُرِينَ) ، تجدين لأمرك مطيعين.
(قالَتْ) ، بلقيس مجيبة لهم عن التعريض للقتال ، (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً) ، عنوة ، (أَفْسَدُوها) ، خربوها ، (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) ، أي أهانوا أشرافها وكبراءها ، كي يستقيم لهم الأمر تحذرهم مسير سليمان إليهم ودخوله بلادهم ، وتناهى الخبر عنها هاهنا ، فصدّق الله قولها فقال : (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) ، أي كما قالت هي يفعلون.
ثم قالت : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ) ، والهدية هي العطية على طريق الملاطفة ، وذلك أن بلقيس كانت امرأة لبيبة قد سيست وساست ، فقالت للملإ من قومها : إني مرسلة إليهم أي إلى سليمان وقومه بهدية أصانعه بها عن ملكي وأختبره بها أملك هو أم نبي؟ فإن يكن ملكا قبل الهدية وانصرف ، وإن كان نبيا لم يقبل الهدية ولم يرضه منّا إلّا أن نتبعه على دينه ، فذلك قوله تعالى : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) ، فأهدت إليه وصفاء ووصائف ، قال ابن عباس : ألبستهم لباسا واحدا كيلا يعرف الذكر من الأنثى. وقال مجاهد : ألبست الغلمان لباس الجواري وألبست الجواري لباس (٣) الغلمان ، واختلفوا في عددهم ،
__________________
[١٥٩٩] ـ ضعيف جدا. أخرجه القضاعي في «مسند الشهاب» ٣٩ والطبراني في «الأوسط» ٣٨٨٤ من حديث ابن عباس ، ومداره على محمد بن مروان السدي الصغير ، وهو متروك وشيخه الكلبي متهم بالكذب ، وأبو صالح متهم.
وذكره السخاوي في «المقاصد الحسنة» ٧٩٧ وعزاه للقضاعي ، والطبراني في «الأوسط» بالإسناد السابق ، ثم قال : بل رواه أيضا ـ يعني الطبراني ـ من حديث السدي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، والسدي راويه من الوجهين متروك.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «ألبسة».