(وَلَوْ نَزَّلْناهُ) ، يعني القرآن ، (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) ، جمع الأعجمي ، وهو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية وإن كان عربيا في النسب ، والعجمي : منسوب إلى العجم ، وإن كان فصيحا. ومعنى الآية : ولو نزلناه على رجل ليس بعربي اللسان.
(فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ) ، بغير لغة العرب ، (ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) ، وقالوا : ما نفقه قولك ، نظيره قوله عزوجل : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) [فصلت : ٤٤] ، وقيل : معناه ولو نزلناه على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة من اتّباعه.
(كَذلِكَ سَلَكْناهُ) ، قال ابن عباس والحسن ومجاهد أدخلناه (١) [أي](٢) الشرك والتكذيب (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ).
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠))
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) ، أي بالقرآن ، (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ،) يعني عند الموت.
(فَيَأْتِيَهُمْ) ، يعني العذاب ، (بَغْتَةً) ، فجأة ، (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ، به في الدنيا.
(فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) (٢٠٣) ، أي لنؤمن ونصدق ، يتمنون الرجعة والنظرة. قال مقاتل : لما أوعدهم النبي صلىاللهعليهوسلم بالعذاب ، قالوا : إلى متى توعدنا بالعذاب ومتى هذا العذاب؟ قال الله تعالى :
(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) (٢٠٥) ، كثيرة في الدنيا يعني كفار مكة ولم نهلكهم.
(ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) (٢٠٦) ، يعني بالعذاب.
(ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) (٢٠٧) ، به في تلك السنين. والمعنى أنهم وإن طال تمتعهم بنعيم الدنيا فإذا أتاهم العذاب لم يغن عنهم طول [المدة و](٣) التمتع شيئا ، ويكونون (٤) كأنّهم لم يكونوا في نعيمه قط.
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) (٢٠٨) ، رسل ينذرونهم.
(ذِكْرى) ، محلها نصب أي ينذرونهم ، تذكرة ، وقيل : رفع أي تلك ذكرى ، (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) ، في تعذيبهم حيث قدمنا الحجة عليهم وأعذرنا إليهم.
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) (٢١٠) ، وذلك أن المشركين كانوا يقولون إن الشياطين يلقون القرآن على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقال جلّ ذكره : (وَما تَنَزَّلَتْ) به أي بالقرآن الشياطين.
(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤))
(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) ، أن ينزلوا بالقرآن ، (وَما يَسْتَطِيعُونَ) ، ذلك.
__________________
(١) في المطبوع «أدخلنا».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «ويكون».