الأمر بالتقوى والطاعة والإخلاص في العبادة والامتناع من أخذ الأجر على الدعوة وتبليغ الرسالة.
(أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) (١٨١) ، الناقصين لحقوق الناس بالكيل والوزن.
(وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨٨). أي من نقصان الكيل والوزن ، وهو مجازيكم بأعمالكم ، وليس العذاب إليّ وما عليّ إلا الدعوة.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠))
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) ، وذلك أنه أخذهم حرّ شديد ، فكانوا يدخلون الأسراب فإذا دخلوها وجدوها أشد حرا فخرجوا فأظلتهم سحابة وهي الظلة فاجتمعوا تحتها [ليتقوا الحر](١) فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا ، ذكرناه في سورة هود. (إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٩٠).
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٩١).
قوله عزوجل : (وَإِنَّهُ) ، يعني القرآن. (لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (١٩٣) ، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو وحفص : «نزل» خفيف الروح الأمين برفع الحاء والنون ، أي نزل جبريل بالقرآن. وقرأ الآخرون بتشديد الزاي وفتح الحاء والنون أي : ونزّل الله به جبريل لقوله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٩٢).
(عَلى قَلْبِكَ) ، يا محمد حتى وعيته ، (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) ، المخوّفين.
(بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١٩٥) ، قال ابن عباس : لسان قريش ليفهموا ما فيه.
(وَإِنَّهُ) ، أي : ذكر إنزال القرآن ، قاله أكثر المفسرين ، وقال مقاتل : ذكر محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته ، (لَفِي زُبُرِ) كتب (الْأَوَّلِينَ).
(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً) ، قرأ ابن عامر : «تكن» بالتاء آية بالرفع ، جعل الآية اسما وخبره : (أَنْ يَعْلَمَهُ) ، وقرأ الآخرون بالياء ، (آيَةً) نصب ، جعلوا الآية خبر يكن ، معناه : أو لم يكن لهؤلاء المتكبرين على بني إسرائيل آية ، أي علامة ودلالة على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأن العلماء الذين كانوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجوده (٢) في كتبهم ، وهم عبد الله بن سلام وأصحابه. قال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود وهم بالمدينة فسألوهم عن محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : إن هذا لزمانه وإنا نجد في التوراة نعته وصفته ، فكان ذلك آية على صدقه. قوله تعالى : (أَنْ يَعْلَمَهُ) ، يعني يعلم محمد صلىاللهعليهوسلم ، (عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، قال عطية : كانوا خمسة عبد الله بن سلام وابن يامين وثعلبة وأسد وأسيد.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «بوجود ذكره».