(وَإِنَّهُمْ لَنا
لَغائِظُونَ) (٥٥) ، يقال غاظه وأغاظه وغيظه إذا أغضبه ، والغيظ والغضب واحد ، يقول :
أغضبونا
بمخالفتهم ديننا وقتلهم أبكارنا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها ، وخروجهم من
أرضنا بغير إذن منّا.
(وَإِنَّا لَجَمِيعٌ
حاذِرُونَ) (٥٦) ، قرأ أهل الحجاز والبصرة «حذرون» و «فرهين» [الشعراء : ١٤٩] بغير ألف
وقرأ الآخرون «حاذرون» و «فارهين» بألف فيهما ، وهما لغتان. قال أهل التفسير :
حاذرون ، أي مؤدون ومقوون ، أي : ذو أداة وقوة مستعدون شاكون في السلاح ، ومعنى
حذرون أي خائفون شرهم. وقال الزجاج : الحاذر المستعد ، والحذر المستيقظ ، وقال
الفراء : الحاذر الذي يحذرك الآن ، والحذر المخوف. وكذلك لا تلقاه إلّا حذرا.
والحذر اجتناب الشيء خوفا منه.
(فَأَخْرَجْناهُمْ
مِنْ جَنَّاتٍ) ، وفي القصة [أن] البساتين كانت ممتدة على حافتي النيل ، (وَعُيُونٍ) ، أنهار جارية.
(وَكُنُوزٍ) ، يعني الأموال الظاهرة من الذهب والفضة قال مجاهد
سماها كنوزا لأنه لم يعط حق الله منها وما لم يعط حق الله منها فهو كنز وإن كان
ظاهرا قيل كان لفرعون ثمانمائة ألف غلام كل غلام على فرس عتيق في عنق كل فرس طوق
من ذهب ، (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) ، أي مجلس حسن.
قال المفسرون :
أراد مجالس الأمراء والرؤساء التي كانت تحفها الأتباع. وقال مجاهد وسعيد بن جبير :
هي المنابر. وذكر بعضهم : أنه كان إذا قعد [فرعون] على سريره وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من ذهب يجلس
عليها الأشراف عليهم الأقبية من الديباج مخوصة بالذهب.
(كَذلِكَ) [أي] كما وصفنا ، (وَأَوْرَثْناها) ، بهلاكهم ، (بَنِي إِسْرائِيلَ) ، وذلك أن الله تعالى ردّ بني إسرائيل إلى مصر بعد ما
أغرق فرعون وقومه فأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والمساكن.
(فَأَتْبَعُوهُمْ
مُشْرِقِينَ) (٦٠) ، يعني لحقوهم في وقت إشراق الشمس ، وهو إضاءتها أي أدرك قوم فرعون
موسى وأصحابه وقت شروق الشمس.
(فَلَمَّا تَراءَا
الْجَمْعانِ) ، يعني تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه ، وكسر حمزة
الراء من تراءى وفتحها الآخرون. (قالَ أَصْحابُ مُوسى
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) ، يعني سيدركنا قوم فرعون ولا طاقة لنا بهم.
(قالَ كَلاَّ إِنَّ
مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ
الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣)
وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ
أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ (٦٨) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ
وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠))
(قالَ) ، موسى ثقة بوعد الله إيّاه (كَلَّا) لن يدركونا ، (إِنَّ مَعِي رَبِّي
سَيَهْدِينِ) ، يدلني على طريق النجاة.
(فَأَوْحَيْنا إِلى
مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) ، يعني فضربه فانفلق فانشق ، (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ) ، قطعة من الماء ، (كَالطَّوْدِ
الْعَظِيمِ) ، كالجبل الضخم ، قال ابن جريج وغيره : لما انتهى موسى
إلى البحر
__________________