هاجت الريح والبحر يرمي بموج مثل الجبال ، فقال يوشع : يا مكلم الله أين أمرت فقد غشينا فرعون والبحر أمامنا؟ قال موسى : هاهنا فخاض يوشع الماء وجاز (١) البحر ما يواري حافر دابته الماء وقال الذي يكتم إيمانه يا مكلم الله أين أمرت؟ قال : هاهنا فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقيه ، ثم أقحمه البحر فارتسب في الماء وذهب القوم يصنعون مثل ذلك فلم يقدروا فجعل موسى لا يدري كيف يصنع. فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق فإذا الرجل واقف على فرسه لم يبتل سرجه ولا لبده.
(وَأَزْلَفْنا) ، يعني وقربنا (ثَمَّ الْآخَرِينَ) ، يعني قوم فرعون يقول قدمناهم إلى البحر وقربناهم إلى الهلاك ، وقال أبو عبيدة : وأزلفنا : جمعنا ، ومنه ليلة المزدلفة أي ليلة الجمع. وفي القصة أن جبريل كان بين بني إسرائيل وبين قوم فرعون وكان يسوق بني إسرائيل ويقولون ما رأينا أحسن سياقة من هذا الرجل ، وكان يزع قوم فرعون ، وكانوا يقولون ما رأينا أحسن زعة (٢) من هذا.
(وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) (٦٥).
(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٦٦) ، فرعون وقومه. وقال سعيد بن جبير : كان البحر ساكنا قبل ذلك فلما ضربه موسى بالعصا اضطرب فجعل يمد ويجزر (٣).
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) ، أي من أهل مصر ، قيل : لم يكن آمن من أهل مصر إلا آسية امرأة فرعون وحزقيل المؤمن [الذي يكتم إيمانه](٤) ، ومريم بنت مأمويا التي دلت على عظام يوسف عليهالسلام.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٩) ، العزيز في الانتقام من أدائه ، الرحيم بالمؤمنين حين أنجاهم [من عدوهم](٥).
قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ).
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ) (٧٠) ، أي : شيء تعبدون.
(قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١))
(قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) (٧١) ، يعني نقيم على عبادتها. قال بعض أهل العلم : إنما قال : (فَنَظَلُ) لأنهم كانوا يعبدونها بالنهار ، دون الليل ، يقال : ظل يفعل كذا إذا فعل بالنهار.
__________________
(١) في المخطوط «وجاوز».
(٢) في المطبوع «رعة».
(٣) تصحف في المخطوط «وخور».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.