روى سفيان عن موسى بن [أبي](١) عائشة قال (٢) : سألت الشعبي عن هذه الآية (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أمنسوخة هي؟ قال : لا والله ، قلت : إن الناس لا يعملون بها ، قال : الله المستعان.
وقال سعيد بن جبير في هذه الآية : إن ناسا يقولون نسخت ، والله ما نسخت ، ولكنها مما تهاون به الناس.
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠))
قوله تعالى : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ) أي : الاحتلام يريد الأحرار الذين بلغوا ، (فَلْيَسْتَأْذِنُوا) ، أي يستأذنوا في جميع الأوقات في الدخول عليكم ، (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، من الأحرار والكبار. وقيل : يعني الذين كانوا مع إبراهيم وموسى وعيسى ، (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) ، دلالاته. وقيل : أحكامه ، (وَاللهُ عَلِيمٌ) ، بأمور خلقه ، (حَكِيمٌ) ، بما دبّر لهم. قال سعيد بن المسيب : يستأذن الرجل على أمه فإنما أنزلت هذه الآية في ذلك. وسئل حذيفة أيستأذن الرجل على والدته؟ قال : نعم وإن لم يفعل رأى منها ما تكره.
قوله تعالى : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) ، يعني اللاتي قعدن عن الولد والحيض (٣) من الكبر فلا يلدن ولا يحضن ، واحدتها قاعد بلا هاء. وقيل : قعدن عن الأزواج ، وهذا معنى قوله : (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) ، أي لا يردن الرجال لكبرهن.
قال ابن قتيبة : سميت المرأة قاعدة إذا كبرت لأنها تكثر القعود. وقال ربيعة الرأي : هنّ العجّز اللواتي إذا رأوهن الرجال استقذروهن ، فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية ، (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ) ، عند الرجال ، يعني يضعن بعض ثيابهن ، وهي الجلباب والرداء الذي فوق الثياب ، والقناع ، الذي فوق الخمار ، فأما الخمار فلا يجوز وضعه.
وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وأبيّ بن كعب «أن يضعن من ثيابهن» ، (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) ، أي من غير أن يردن بوضع الجلباب ، والرداء إظهار زينتهن ، والتبرج هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره (٤) ، (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) ، فلا يلقين الجلباب والرداء ، (خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) تصحف في المطبوع «قالت».
(٣) في المخطوط «المحيض».
(٤) في المطبوع «تتنزه عنه».