القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس والطيب لا يليق إلا بالطيب ، فعائشة لا يليق بها الخبيثات من القول لأنها طيبة فيضاف إليها طيبات الكلام من المدح والثناء الحسن وما يليق بها. وقال الزجاج : معناه لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء ولا يتكلم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء ، وهذا ذم للذين قذفوا عائشة ، ومدح للذين برءوها بالطهارة. وقال ابن زيد : معناه الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء أمثال عبد الله بن أبيّ والشاكين في الدين ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء. ويريد عائشة طيبها الله لرسوله الطيب صلىاللهعليهوسلم. (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ) ، يعني : عائشة وصفوان ذكرهما بلفظ الجمع كقوله تعالى : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) [النساء : ١١] أي إخوان. وقيل : أولئك مبرءون يعني الطيبين والطيبات منزهون ، (مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ، فالمغفرة هي العفو عن الذنوب والرزق الكريم الجنة. وروي أن عائشة كانت تفتخر بأشياء أعطيتها لم تعطها امرأة غيرها ، منها :
[١٥٠٧] أن جبريل أتى بصورتها في سرقة من حرير ، وقال : هذه زوجتك.
[١٥٠٨] وروي أنه أتى بصورتها في راحته وأن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يتزوج بكرا غيرها ، وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورأسه في حجرها ، ودفن في بيتها ، وكان ينزل عليه الوحي وهو معها في لحاف (١) ، ونزلت براءتها من السماء ، وأنها ابنة خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصديقه ، وخلقت طيبة ، ووعدت مغفرة ورزقا كريما.
وكان مسروق إذا روى عن عائشة قال : حدثني الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم المبرأة من السماء.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٢٩) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠))
__________________
[١٥٠٧] ـ صحيح. أخرجه الترمذي ٣٨٨٠ وابن حبان ٧٠٩٤ من حديث عائشة «أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة».
وإسناده صحيح.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.
ـ وأخرجه البخاري ٣٧٩٥ و ٥٠٧٨ و ٧٠١١ ومسلم ٢٤٣٨ وأبو يعلى ٤٤٩٨ و ٤٦٠٠ وأحمد ٦ / ٤١ و ١٦١ و ١٢٨ وابن حبان ٧٠٩٣ والخطيب ٥ / ٤٢٨ والبيهقي ٧ / ٨٥ من حديث عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أريتك في المنام ثلاث ليال ، جاءني بك الملك في سرقة من حرير ، فيقول : هذه امرأتك ، فأكشف عن وجهك ، فإذا أنت هي. فأقول : إن يك هذا من عند الله يمضه».
[١٥٠٨] ـ أخرجه أبو يعلى ٤٦٢٦ وابن سعد ٨ / ٤٣ ـ ٤٤ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ٣١٤ عن عائشة وإسناده ضعيف ، لضعف علي بن زيد ، لكن عامة ألفاظه لها شواهد وبعض ألفاظه يطابق واقع حال عائشة رضي الله عنها.
(١) في المطبوع «لحافه».