كان ينفقها عليه ، وقال والله لا أنزعها منه أبدا.
وقال ابن عباس والضحاك : أقسم ناس من الصحابة فيهم أبو بكر أن لا يتصدقون على رجل [ولا امرأة](١) تكلم بشيء من الإفك ولا ينفعوهم ، فأنزل الله هذه الآية.
(إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) ، العفائف ، (الْغافِلاتِ) ، عن الفواحش ، (الْمُؤْمِناتِ) ، والغافلة عن الفاحشة التي لا يقع في قلبها فعل الفاحشة وكانت عائشة كذلك ، قوله تعالى : (لُعِنُوا) ، عذبوا ، (فِي الدُّنْيا) ، بالحدّ ، (وَالْآخِرَةِ) ، بالنار ، (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) ، قال مقاتل : هذا خاص في عبد الله بن أبيّ المنافق.
وروي عن خصيف قال : قلت لسعيد بن جبير : من قذف مؤمنة يلعنه الله في الدنيا والآخرة ، فقال ذلك لعائشة خاصة. وقال قوم : هي لعائشة وأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم خاصة دون سائر المؤمنات.
روي عن العوام بن حوشب عن شيخ من بني كاهل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم خاصة ليس فيها توبة. ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) إلى قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) [النور : ٤ ـ ٥] فجعل لهؤلاء توبة ، ولم يجعل لأولئك توبة. وقال الآخرون : نزلت هذه الآية في أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وكان ذلك حتى نزلت الآية التي في أول السورة (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) إلى قوله : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور : ٤ ـ ٥] فأنزل [الله](٢) الجلد والتوبة.
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦))
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ) ، قرأ حمزة والكسائي بالياء لتقدم (٣) الفعل وقرأ الآخرون بالتاء ، (أَلْسِنَتُهُمْ) ، وهذا قبل أن يختم على أفواههم ، (وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) [تنطق](٤) ، يروى أنه يختم على الأفواه فتتكلم الأيدي والأرجل بما عملت في الدنيا. وقيل : معناه تشهد ألسنة بعضهم على بعض وأيديهم وأرجلهم ، (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَ) ، جزاءهم الواجب. وقيل : حسابهم العدل. (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) ، يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : وذلك أن عبد الله بن أبيّ كان يشك في الدين فيعلم يوم القيامة أن الله هو الحق المبين.
قوله سبحانه وتعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) ، قال أكثر المفسرين : الخبيثات من القول والكلام للخبيثين من الناس. (وَالْخَبِيثُونَ) ، من الناس ، (لِلْخَبِيثاتِ) ، من القول ، (وَالطَّيِّباتُ) ، من القول ، (لِلطَّيِّبِينَ) ، من الناس ، (وَالطَّيِّبُونَ) ، من الناس ، (لِلطَّيِّباتِ) ، من القول ، والمعنى : أن الخبيث من
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «لتقديم».
(٤) زيادة عن المخطوط.