وقضى بأن الولد لها ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها وإن جاءت به كذا وكذا فهو للذي قيل فيه» ، فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق (١) على الشبه المكروه ، وكان بعد أميرا على مصر ، لا يدرى من أبوه.
[١٤٩٨] وقال ابن عباس في سائر الروايات ومقاتل : لما نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) الآية ، فقرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الجمعة على المنبر فقام عاصم بن عدي الأنصاري فقال : جعلني الله فداك إن رأى رجل منّا مع امرأته رجلا فأخبر بما رأى جلد ثمانين جلدة وسماء المسلمون فاسقا ولا تقبل شهادته أبدا فكيف لنا بالشهداء ونحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل فرغ من حاجته ومر؟ وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر وله امرأة يقال لها خولة بنت قيس بن محصن فأتى عويمر عاصما وقال : لقد رأيت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة فاسترجع عاصم وأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الجمعة الأخرى ، فقال : يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بالسؤال الذي سألت في الجمعة الماضية في أهل بيتي ، فأخبره وكان عويمر وخولة وشريك كلهم بني عم عاصم ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهم جميعا ، وقال لعويمر : «اتق الله في زوجتك وابنة عمك فلا تقذفها بالبهتان» فقال : يا رسول الله أقسم بالله إني رأيت شريكا على بطنها وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر ، وإنها حبلى من غيري ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمرأة : «اتقي الله ولا تخبري إلا بما صنعت» فقالت : يا رسول الله إن عويمرا رجلا غيورا وإنه رآني وشريكا نطيل (٢) السمر ونتحدث فحملته الغيرة على ما قال ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لشريك : «ما تقول»؟ فقال : ما تقوله المرأة كذب ، فأنزل الله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) الآية ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نودي الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر : قم فقال اشهد بالله أن خولة لزانية وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الثانية أشهد بالله إني رأيت شريكا على بطنها ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الثالثة أشهد بالله إنها حبلى من غيري وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الرابعة أشهد بالله إني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الخامسة : لعنة الله على عويمر يعني نفسه إن كان من الكاذبين ، فيما قال ثم أمره بالقعود وقال لخولة قومي فقامت ، فقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية وإن عويمرا لمن الكاذبين ، ثم قالت في الثانية أشهد بالله أنه ما رأى شريكا على بطني وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الثالثة أشهد بالله إني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الرابعة أشهد بالله إنه ما رآني قط على فاحشة وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الخامسة غضب الله على خولة تعني نفسها إن كان من الصادقين ، ففرّق رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهما ، وقال لو لا هذه الأيمان لكان لي في أمرهما رأي ، ثم قال : «تحينوا بها الولادة فإن جاءت به أصيهب أثيبج يضرب إلى السواد فهو لعويمر (٣) ، وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين فهو للذي رميت به». قال ابن عباس فجاءت بأشبه خلق الله بشريك.
__________________
[١٤٩٨] ـ أما خبر ابن عباس ، فلم أره مسندا بهذا اللفظ ، وأما خبر مقاتل ، فقد أخرجه البيهقي ٧ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ، وهو مختلف عن سياق المصنف.
ـ وقال البيهقي : والذي فيما روينا من الأحاديث أن الذي رمى امرأته بشريك بن سحماء هلال بن أمية الواقفي ، ولا أعلم أحدا سمى في قصة عويمر العجلاني رميه امرأته بشريك إلّا من جهة الواقدي بإسناده له قد ذكرناه فيما مضى.
ـ قلت : والواقدي متروك ، والصحيح ما خرجه الشيخان في هذا الشأن ، وقد تقدم ، والله أعلم.
(١) في المخطوط «أزرق».
(٢) في المطبوع «يطيل».
(٣) في المخطوط «لشريك بن السحماء».