أقطار الأرض فلما اجتمعوا إليه قالوا ما حزبك (١) قال أعياني هذا العبد أيوب الذي لم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزدد إلا صبرا ، ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة [من مزابل بني إسرائيل](٢) لا يقربه إلا امرأته [فلم يكن عنده جزع]. فاستعنت بكم لتعينوني عليه ، فقالوا له أين مكرك الذي أهلكت به من مضى ، قال بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا عليّ قالوا نشير عليك من أين أتيت آدم حين أخرجته من الجنة ، قال من قبل امرأته قالوا فشأنك في أيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها ، قال أصبتم : فانطلق حتى أتى امرأته وهي تتصدق فتمثل لها في صورة رجل فقال لها : أين بعلك يا أمة الله قالت هو ذاك يحك قروحه وتتردد الدواب في جسده ، فلما سمع مقالتها طمع أن تكون كلمة جزع فوسوس إليها وذكرها ما كانت فيه من النعم والمال وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه [الآن](٣) من الضر وأن ذلك لا ينقطع عنه أبدا ، قال الحسن فصرخت فلما صرخت علم أنها قد جزعت فأتاها بسخلة وقال ليذبح هذه لي أيوب ويبرأ فجاءت تصرخ يا أيوب حتى متى يعذبك ربك ، أين المال أين الولد أين الصديق أين لونك الحسن أين جسمك الصحيح ، اذبح هذه السخلة [على اسم عبد من عباد الله أتانيها وأنت تبرأ مما فيك من البلاء](٤) واسترح ، فقال أيوب : أتاك عدو الله فنفخ فيك ويلك أرأيت ما تبكين عليه من المال والولد والصحة من أعطانيه ، قالت الله ، قال فكم متعنا به قالت ثمانين سنة ، قال فمنذكم ابتلانا قالت منذ سبع سنين وأشهر ، قال ويلك ما أنصفت ألا صبرت في البلاء ثمانين سنة ، قال فمنذكم ابتلانا قالت منذ سبع سنين وأشهر ، قال ويلك ما أنصفت ألا صبرت في البلاء ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة ، والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة أمرتيني أن أذبح لغير الله طعامك وشرابك الذي تأتيني به علي حرام وحرام عليّ أن أذوق [منه](٥) شيئا مما تأتيني به بعد إذ قلت لي هذا ، فاغربي عني ، فلا أراك فطردها فذهبت فلما نظر أيوب وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خرّ ساجدا لله وقال رب : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، فقيل له ارفع رأسك فقد استجيب لك اركض برجلك فركض برجله فنبعت عين [ماء](٦) فاغتسل منها فلم يبق عليه من دائه شيء ظاهر إلا سقط وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان ، ثم ركض برجله ركضة أخرى فنبعت عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج فقام صحيحا وكسى حلّة قال فجعل يلتفت فلا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد ضاعفه الله [له](٧) حتى ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل منه تطاير منه على صدره جرادا من ذهب فجعل يضمه بيده ، فأوحى الله إليه يا أيوب ألم أغنك؟ قال : بلى ولكنها بركتك فمن يشبع منها ، قال فخرج حتى جلس على مكان مشرف ، ثم إن امرأته قالت أرأيتك إن كان أيوب طردني إلى من أكله أدعه يموت جوعا ويضيع فتأكله السباع لأرجعنّ إليه فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحالة التي كانت وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عنه ، فدعاها أيوب فقال ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة ولا أدري أضاع أم ما فعل [به](٨) فقال أيوب ما كان [هو](٩) منك فبكت ،
__________________
(١) في المخطوط «أحزنك».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) زيادة عن المخطوط.